المسيحيون أيضا القرصنة فى البحر المتوسط وجعلوا عددا من المسلمين يعيشون فى ذل العبودية فى أوربا، وتحول بعضهم إلى المسيحية تحولا بطيئا واندمج فى السكان المحليين، بينما تمكن آخرون من الهرب وقد حدث على نطاق محدود -باعتراف الجميع- أن مسلمين استعبدوا مسلمين آخرين، وكانت هذه هى الحال -على سبيل المثال- عندما اعتبر أفراد من شيع متعصبة بقية المسلمين خارجين عن دائرة الإسلام، وبالتالى لم يترددوا فى مهاجمتهم واسترقاقهم، وهناك مثال صارخ ففى سنة ١٠٧٧ م بيعت آلاف النساء من قبيلة بربرية ثائرة فى أسواق الرقيق بالقاهرة، كما حدث هذا بكثرة فى المناطق الحدودية إذ إن جماعات حكومية أو تعمل لحسابها كانت تشن هجمات عبر الحدود على السكان الذين كانوا غالبا وثنيين -لكن هذا لا يمنع من وجود مسلمين بينهم أو حتى أطفال من آباء مسلمين، وبانتشار الإسلام فى أفريقيا السوداء (أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى) وبتكثيف الضغط المغربى فى هذا الاتجاه فى القرون الأخيرة من العصور الوسطى- ثار سؤال حول شرعية استرقاق المسلمين بين الحين والآخر، وقد أجاب الفقهاء باحتراس بأن شككوا فى أن هؤلاء المعروضين للبيع قد يكونون مسلمين وبالتالى حرموا الاتجار فيهم.
وكانت قوافل النخاسين تتوغل فى قلب أفريقيا وآسيا للحصول على الرقيق بالشراء أو الخطف والسرقة، وفى القارة الأفريقية كانت النزاعات القبلية بين الوطنيين تيسر عمل تجار الرقيق، وثمة مسألة لابد من التنويه عنها وهى أن كل الأجناس تقريبًا كانت مجالا للاتجار فيها كرقيق، فلم يكن الأمر مقصورا على عناصر الزنوج والأثيوبيين والبرابرة والترك فحسب، بل عناصر أوربية أيضا خاصة العناصر السلافية.
ومنذ منتصف القرن الثامن، بدأ أهل البندقية -رغم نقمة البابوية الشديدة- سيرتهم كمتعهدى توريد رقيق كان من بينهم مسيحيون -للدول الإسلامية. وفى القرنين التاسع والعاشر لعب التجار اليهود دورا مهما فى تجارة