(٩٠٩ - ٩٠٨ م) تفرق شمل الأباضية فى صحراء تونس والجزائر وفى جربة. وهم لايزالون فى هذه الأيام يعيشون جماعات متماسكة فى ورجلة ومزاب وجبل نفوسة وفى جزيرة جربة. ولهم مصنفات دينية وتاريخية هامة. وجماعاتهم الدائمة الاتصال بعضها ببعض تحرص حرصًا شديدًا على حماسها المتأجج. ولهم كذلك صلات ليست بالقليلة مع الإباضيين فى عمان وزنجبار. ولقد انقسم الأباضية الإفريقيون ثلاث فرق سياسية ودينية على السواء وهي: النكارية والخلفية والنفاثية. والنكارية الذين كان لهم شأن فى تاريخ الفق الإفريقية لاتزال تمثلهم حتى الآن جماعات صغيرة فى جربة وزواغة (طرابلس).
ومن الطبيعى أن يعارض الأباضية بشدة فى اتهام أهل السنة لهم بالمروق. وهم يزعمون أنهم هم وحدهم الذين حافظوا على تعاليم الإسلام الحقة. ويقولون إن فرقتهم وحدها هى الفرقة الناجية من بين الفرق الثلاث والسبعين التى انقسم المسلمون إليها. وقد نشأ الخوارج كما قدمنا عندما اختلفوا مع علىّ فى أمر التحكيم، وهم دون أن يجادلوا فى شرعية حكم الخلفاء الأربعة الراشدين كما يفعل الشيعة، يصرون على أن القدوة الحسنة بعد النبى كانت فى أبى بكر وعمر، أما عثمان فلم يقتف آثارهما. والأباضية يشيرون فى كتبهم بعناية إلى ما أسموه "بدع عثمان".
ويجب على المسلمين إقامة الإمامة عندما يتوافر لديهم القدرة والعلم. وليس من الضرورى أن يكون الإمام قرشيًا بل يكتفى أن يكون فاضلا ورعًا وأن يحكم طبقًا لأوامر القرآن والسنة، فإذا ابتعد عنهما وجب خلعه. والقرآن كلام الله هو الذى خلقه. ولن يُرى الله فى الجنة. والثواب والعقاب فى الحياة الأخرى أبديان. والنار كالجنة لا يعتورها الفناء. والله يغتفر الصغائر، أما الكبائر فلا تمحوها إلا التوبة. ومن واجب كل مسلم أن يعمل المعروف وينهى عن المنكر ما استطاع إلى ذلك سبيلا. وفرض حق على المسلمين الاعتراف بوحدتهم والتعبير عن هذه