يواصلون أعمالهم للنهب والتخريب خاصة بعد امتداد السيادة العثمانية لشمال أفريقيا، وقد قام الأوربيون أيضا بحركة قرصنة حقيقية ضد مجاهدى البحر المسلمين الآنف ذكرهم واستمروا فى هذه الأعمال حتى أواخر القرن الثامن عشر، وأسروا عددا من المسلمين، وقد لعب فرسان مالطة دورا فعالا أثناء النصف الأول من القرن الثامن عشر فى أسر المسلمين، وباعوا للأسطول الفرنسى الرجال الذين احتاجوهم كمجدفين فى السفن الشراعية، وحاول أكثر من عشرة آلاف عبد مسلم الثورة على جزيرة مالطة سنة ١٧٤٩ م وقد حرر بونابرت الألفى عبد البربرين الذين وجدهم هناك سنة ١٧٩٨ م. ومن الأهمية أن نميز بين العبيد المأسورين للفدية والذين استرقوا بعد أن كانوا أغنياء فهؤلاء كانوا يلقون معاملة حسنة، والعبيد العاديين الذين كانوا يعاملون معاملة قاسية ويجبرون على أداء أعمال شاقة فى السفن الشراعية وفى الأرض الزراعية، أما فى المدن فقد كان العبيد يؤدون أعمالا أيسر من العبيد العاملين فى الأراضى الزراعية، وكان الأطلنطى عامرا بالقراصنة المراكشيين الذين كانوا ينطلقون من قاعدتهم فى "الرباط ساليا" Rebat Sale، وكما حدث فى العصور الوسطى فقد قامت الجماعات الدينية التحررية بما فيها الجماعات اليهودية بدور فعال فى عتق العبيد بتقديم الفدية (١)، وكان العبيد المتحولون للإسلام يصلون لمناصب عالية فى الجيش والأسطول العثمانيين؛ لكن عدد العبيد الذين كانت تحصل عليهم الدولة العثمانية بدأ يتناقص بالتدريج فى بداية القرن التاسع عشر بسبب الضغط العسكرى الأوربى. وعند الغزو الفرنسى للجزائر سنة ١٨٣٠ م -على سبيل المثال، لم يكن فى الجزائر سوى
(١) كان اليهود فى الواقع هم الرواد الحقيقيون لتجارة الرقيق فى المحيط الأطلنطى خاصة، فقد تمركز عدد كبير من اليهود المطرودين من أسبانيا فى جزيرة ساو تومى Sao Thome وأسموها جزيرة الميلاد، واستقدموا من الساحل الأفريقى المقابل عددا كبيرا من العبيد لزراعة مزارع قصب السكر الواسعة فكانوا بذلك أول من استخدم العبيد استخداما استثماريا حقيقيًا فى الأعمال الشاقة، وكانوا هم أول الوسطاء فى التاريخ الحديث لتوريد الرقيق إلى الأمريكتين. لجنة المراجعة