وقرمونة وألبيرة حتى اضطرها للاستسلام له. وما كاد ابن حفصون يموت حتى تخلى أولاده عن التمرد واستسلمت معاقلهم الحصينة فى "بوبشترو" سنة ٣١٥ هـ (٩٢٨ م) ثم سقط فى يده آخر معقل من معاقل مقاومتهم وهو طليطلة.
وقد بذل عبد الرحمن الثالث (الناصر) غاية جهده حتى لا يفاجئه جيرانه النصارى بغاراتهم التى كانوا يزعجونه بها بين آن وآخر، فأوقف فى سنة ٣٠٨ هـ (٩٢٠ م) تقدم أردونيو الثالث ملك ليون واستوريا كما استولى على مجموعة من القلاع فى مناطق "دورة" وأوسما وشنت شتيبن ودى جورما وكلونيا. كما استطاع بعد أربع سنوات من انتصاره فى حملته المعروفة بحملة بمبلونة أن يخرب عاصمة البشكانس قصبة شانجة غرسية الأول، مما أدى إلى أن يرفرف الأمن والهدوء بجناحيه على حدوده لبضع سنوات ولكنه وجد خصما عنيدا قويا فى ملك ليون الجديد راميرو الثانى الذى بدأ -بعد قليل من اعتلائه العرش- فى العدوان على الإسلام ولكنه نجح بعد عدة هزائم أنزلها به عبد الرحمن الثالث أن يرد له الصاع صاعين، إذ هزمه هزيمة ساحقة فى معركة "شمنقة" وهى المعروفة خطأ باسم معركة الخندق.
على أن عبد الرحمن الثالث (بعد عشر سنوات من استرداده بوبشترو، وردًا على مضايقات الفاطميين له) لقب نفسه بأمير المؤمنين الناصر لدين اللَّه، وأخذ منذ ذلك الحين فى اتباع سياسة الشد والجذب ولاسيما فى مراكش فاحتل بعض الحصون فى سبتة وسرعان ما نجح عبد الرحمن الناصر فى تدعيم مكانته بعد هزيمته فى شمنقة، وساعده على ذلك موت خصمه "راميروا الثانى" ٣٣٩ هـ (٩٥١ م) فتنازع العرش ولداه "ردونيو الثالث وشانجة" كما استغل عبد الرحمن الثالث (الناصر) الحروب الأهلية التى أغرقت وقتئذ مملكتى ليون وبمبلونة فى بحر من الدماء.