الكثرة لكنه لم يكن أبدا بالصادق الإيمان ولم يدخل الدين قلبه. وحدث فى السنة الثانية للهجرة (= ٦٢٤ م) حين هاجم النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] بنى قينقاع أن تشفع لهم عبد اللَّه بن أُبَىّ عند النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] لأنهم كانوا حلفا للخزرج قبل ظهور الإسلام.
[وقد ألحَّ على الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وقال له عنهم: هم أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع قد منعونى من الأحمر والأسود. . . تحصدهم فى غداة واحدة، إنى واللَّه امرؤ أخشى الدوائر، فقال له النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]: هم لك، وأطلقهم] وربما كان هذا الموقف من عبد اللَّه بن أبى لأنه أدرك أهميتهم كقوة مقاتلة فى حرب قد يشنها المكيون. ولما أجرى المسلمون النقاش قبيل أُحد حول خروجهم (شوال سنة ٣ هـ = ٦٢٥ م) أيَّدَ عبد اللَّه السلولى رأى الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى وجوب بقاء المسلمين بمعاقلهم بالمدينة لكن لما عاد وجد النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] قد عزم على الخروج لقتال العدو فلم يوافقه السلولى ورجع على رأس ثلاثمائة من أمثاله بحجة أن هذه الحركة قد تمنع المكيين من مهاجمة المدينة بعد المعركة، ولكنها دلت على جبن المرتدين وعدم إيمانهم التام باللَّه ورسوله عليه الصلاة والسلام، وقد ندد القرآن الكريم بهذا الموقف فى قوله تعالى فى سورة آل عمران الآيات ١٦٦ - ١٦٨ {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} ولم يكن موقف عبد اللَّه بن أبى من محمد إلا معارضة باللسان فقط أولًا، لكنه أخذ فى العامين التاليين يحيك المؤامرات ضده، فحاول حمل بنى النضير على ألا يستجيبوا لما أمرهم به محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فلا يرحلوا، بل لقد ذهب مذهبا أبعد من ذلك إذ وعدهم أْن ينصرهم بالسيف. كما أنه فى غزوة المريسيع استغل نزاعا بين أحد المهاجرين والأنصار لزلزلة الأرض تحت أقدام المسلمين ودفع رجالًا منهم ليخرجوا محمدًا [-صلى اللَّه عليه وسلم-] والمهاجرين من المدينة.