"الباشاليك" المملوكية (١١٦٠ هـ - ١٢٤٧ هـ = ١٧٤٧ - ١٨٣١ م) الصدام بين الوالى الفارسى "كريم خانى زند" وبينهم وضياع البصرة فترة من الوقت (١١٩٠ - ١١٩٣ هـ) م لكن سرعان ما زال هذا الخطر بموت "كريم خان"، كما أن حكم بويوك سليمان باشا الطويل ببغداد والبصرة وشهرزور يعد ذروة قوة الباشاليك المملوكى، غير أنه انشغل طوال سنوات حكمه الأخيرة بمحاولاته الفاشلة لكبح جماح توّغل الوهابيين فى الحسا وفى أطراف العراق بسبب مقاومة التحالف المنتفكى، كما كشف حملة الوهابيين الكبيرة سنة ١٢١٦ هـ (= ١٨٠٢ م) وتخريب كربلاء -أقول كشفت القناع عن عجز الباشاليك المملوكى، ومع ذلك فقد ظلت الأسرة باقية حتى استطاع السلطان محمود الثانى بقوة السلاح أن يخرج داود باشا ويضع نهاية للحكم الذاتى (١٨٣١ م).
يعتبر الإصلاح الإدارى وتَزَايُد التدخل الأوربى الظاهرتين الرئيسيتين فى تاريخ العراق منذ سنة ١٨٣١ م حتى ١٩٠٨ م، ولم يكن من خلفوا داود باشا مباشرة أكثر نشاطا من الباشوات المماليك فى فرض سلطانهم على القبائل، وإنما تبدأ نقطة الانتقال الحقيقية بحكومة مدحت باشا (١٨٦٩ - ١٨٧٢ م) التى شهدت تطبيق قانون "ولايات" وقانون الأراضى العثمانى (١٨٥٨) اللذين صبغا الاصلاحات بصبغة غربية، فجعل أحدهما الإدارة المحلية ذات طابع أوربى، وأما الثانى فقد أقام ملكية فردية حرة فى النواحى التى تعيش فيها القبائل، كما أن السلطان عبد الحميد الثانى ضم مناطق شاسعة فى العراق تحت إدارته "السنية". ولقد ظل إقليم العراق (دون الأراضى الساحلية الواقعة على الخليج العربى) بعيدًا عن أى اهتمام أوربى حتى إذا كانت أواخر القرن الثامن عشر صارت السيادة للبريطانيين كما صارت