إن صفة "الامبراطورى"[أى الدولى] التى تمتع بها الفن العراقى لفترة طويلة والتى بدأ فى اكتسابها فى الواقع منذ أواخر العصر الأموى تجعل من العسير التحدث عن هذا الفن كما لو كان فنًا محليًا تطور عبر القرون وأصبح ذا ملامح خاصة محددة نبعت من عوامل ثابتة: جمالية أو صناعية [تقنية] فُرضت عليه نتيجة لظروف البلاد الطبيعية.
ويجب أن نضع فى اعتبارنا أن طبيعة العراق -كطريق بين الأقطار الأخرى وكسهل طينى خصب صالح للزراعة ومرور الأنهار العظيمة به فضلًا عن تعرضه للدمار مرارًا سواء عن طريق الغزوات أو بسبب الفيضانات- جعلتها ملائمة لطرق معينة فى البناء والزخرفة المعمارية والحرف الأخرى.
ولقد اعتمدت هذه الطرق على توافر مادة الطين واقتصادية استخدامه، ومع ذلك فقد كان مادة غير متينة.
إن استخدام الطين سواء كان على هيئة الطوب اللبن أو الآجر فى تشييد المبانى وزخرفة الواجهات التى كانت تزخرف أيضًا بالجص قد سمح بسرعة البناء والتشييد -حسب الطرق التقليدية لبلاد الرافدين- التى تشبع احتياجات الكثير من السكان المتحضرين وكذلك الحكام المولعين بالتفاخر، ومن جهة أخرى كان استخدام الطين سببًا فى عدم متانة وصلابة المبانى المشيدة التى تخربت فلم يصل إلينا سوى أطلال.
ويستطيع المرء أن يحدد الخصائص المميزة للعراق ومنتجاتها بالفخامة وضعف المتانة، وتظهر هذه السمات فى كافة عمائر العصر العباسى وفى العمائر المتأخرة المقلدة لها التى شيدها أمراء الأقاليم المختلفة التابعة للخلافة التى برز فيها معماريون على درجة رفيعة من المهارة، كما توافرت فيها مواد للبناء كانت أكثر متانة.
وتعتبر الظروف الجغرافية الخاصة بالعراق مسئولة أيضًا عن التطور المتوازى للمدارس الفنية المحلية الكثيرة خلال تاريخها، والمتمثلة بصفة أساسية فى كل من مدارس بغداد وسامراء من جهة، والدلتا السفلى من جهة أخرى، ويضاف إلى تلك المدارس مدرسة