وقد كان الخلفاء الأمويون بالتأكيد يلعبون دورًا مهما فى الرقى بالثقافة العربية بتشجيعهم لها وبإنشاء المكتبات خاصة مكتبة الحكم الثانى الشهيرة وبتقديمهم الرواتب والمنح للشعراء الذين ينشدون أشعارهم فى بلاطهم ويعد المُصْحَفِى (المتوفى ٣٧٢ هـ/ ٩٨٢ م) وزير الحكم الثانى وهشام الثانى مثالًا واضحًا على هؤلاء الشعراء الذين وظفوا أشعارهم لخدمة البلاط الأموى فأصبح ذا طابع سياسى، إلا أنه فى عهد المنصور (الذى أمر بإحراق كتب الفلسفة والفلك وغيرهما من العلوم التى اعتبرت مناهضة للإسلام) ظهر الشعر الحضرى الحقيقى ممثلا فى أشعار ابن درّاج القشتالى (٣٤٧ - ٤٢١ هـ/ ٩٥٨ - ١٠٣٠ م) وصاعد البغدادى (المتوفى ٤١٨ هـ/ ١٠٢٦ م) والرمادى (المتوفى ٤٠٣ هـ أو ٤١٣ هـ/ ١٠١٣ م أو ١٠٢٢ م). وأكثر من هذا فمنذ نهاية فترة الخلفاء تكونت مجموعة أدبية ذات أصول أرستقراطية وأفكار ثورية أظهرت عداءها للموشحات كشكل أدبى واعتبرتها -أى الموشحات- سوقية جدا لأنها لا تحذو حذو الشعر المشرقى، وأعلنت هذه المجموعة أن الإنتاج الأدبى الجدير بهذا الاسم يعتمد على عبقرية المؤلف وليس على التقليد، وكان زعيم هذه المجموعة أو المدرسة هو ابن شهيد (٣٨٢ - ٤٢٦ هـ/ ٩٩٢ - ١٠٣٥ م) الذى طوّر أفكاره فى عمل شعرى أصيل بلا شك هو رسالة التوابع والزوابع وحذا حذوه ابن حزم الذى وإن كان لم يُبد نبوغا كبيرًا فى مضمار الشعر إلا أن كتابه طوق الحمامة يعتبر فريدًا فى بابه حتى أنه يعد من الآداب العالمية. ولم يكن سقوط الخلافة وظهور ملوك الطوائف يمثل فاجعة بالنسبة لمستقبل الشعر، حقيقة إن الشعر كان قد وصل ذروته فى القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى)، وإن كان ا. جارسيا جوميز E.Garcia Gomez قد وصفها بأنها (قمة كاذبة)، ليس مجرد صدفة إذن أن لدينا عن هذه الفترة، الدواوين والمقتطفات الأدبية والمختارات بالإضافة لأكثر الدراسات أهمية والتى تتناول التاريخ الأدبى لأسبانيا الإسلامية، وقد قدم لنا كتاب La Poesie andalouse, en arabe Classique, au xle Siecle الذى ألفه