ويطابق ترتيب الحروف فى المجموعة العربية -ونقصد هنا الحروف الساكنة فقط- مثيله فى اللغتين العبرية والآرامية. وهذا التطابق -مضافا إليه البراهين التى تستخرج من فن الكتابات القديمة- يؤيد أن العرب انتهت إليهم أحرفهم الهجائية عن طريق النبطيين. ولقد وضعت الأحرف الستة التى تختص بها العربية وحدها فى آخر هذه المجموعة. وترتيب حروف -هذه الألفاظ الثمانية- التى جعلت
للتذكير فقط والتى لا معنى لها البتة- يماثل ما فى العبرية والآرامية أيضا من حيث استعمال الحروف للدلالة على الأرقام: فالحروف من الهمزة إلى القاف تدل على الأرقام من ١ إلى ١٠٠، وتدل التسعة الأخيرة على الأرقام من ٢٠٠ إلى ١٠٠٠.
وإلى جانب هذا الترتيب القديم الذى يعود بنا إلى أصل الأبجدية العربية نشأ فى عصر متقدم الترتيب الآخر المستعمل الآن. ولقد انبعث هذا الترتيب من وضع الحروف المتشابهة فى الرسم، الواحد بعد الآخر، مثال ذلك أن حرف الباء يأتى بعده التاء والثاء ... إلخ إلا الهاء والواو والياء فإنها توضع فى الآخر. وقد احتفظت الأبجدية المغربية بهذا الترتيب إلى الآن وهو: أ. ب. ت. ث. ج. ح. خ. د. د. ر. ز. ط. ظ. ك. ل. م. ن. ص. ض. ع. غ. ف. ق. س. ش. هـ. و. ي.
والترتيب السائد فى الشرق الإسلامى الذى أخذه علماء أوروبا والذى لا يفهم سره البتة، لحقه التغيير أيضا لأنه من المستحيل أن نعرف القاعدة العامة التى اتخذت أساسا لهذا الترتيب، ولكنه من الملاحظ أن للاعتبارات الصوتية بعض الأثر فيه. وإلى جانب هذين الترتيبين الشائعين وُفق بعض العلماء إلى ترتيب حروف الهجاء على نحو آخر يعتمد على أساس صوتى فسيولوجى بحيث أن الأصوات التى يجهر بها من أقصى الحلق توضع فى الأول والأصوات التى نطق بها من الجزء الأمامى من الفم أى الشفاه توضع فى الآخر.