بهذه التغيرات عن العروض (الجزء الأخير فى الشطر الأول) فإن الأوزان المحتمل توليدها من التغيرات المختلفة تسمى على أسماء ضروبها المختلفة. فالبحر الطويل له عروض واحد أى أن الجزء الأخير من شطره الأول يجئ على صورة ثابتة وهى مُفَاعِلُنْ (بالقبض)، ولكن له ثلاثة ضروب هى الشكل المعتاد للجزء الأخير فى الشطر الثانى وشكلان آخران للضرب، ولذلك فهناك الطويل الأول والثانى والثالث لأن الضرب يأتى على صورة مَفَاعِيلن أو مَفَاعِلُنْ أو فعولُنْ، وينطبق هذا المبدأ نفسه على بقية الأوزان، ويختص الكامل بأكبر عدد من الضروب، ويبلغ إجمالى عدد الأعاريض للبحور الستة عشر كلها ستة وثلاثين، أما عدد الضروب فيبلغ سبعة وستين، أى أن قدامى شعراء العرب استخدموا البحور الستة عشر للحصول على سبعة وستين تنويعا إيقاعيا ودلك بحساب التغيرات التى تطرأ على نهايات الأبيات بسبب العلل وبغض النظر عن الزحافات العارضة التى تطرأ على حشو البيت.
ويلاحظ أن المستشرقين الأوربيين يجدون صعوبة فى تقبل العروض العربى لأنهم يرون أنه علم مبنى على الوصف الخارجى للتغيرات التى تطرأ على أصوات الحروف فى البيت الشعرى بينما تعتمد اللغات الأوربية على وصف خصائص المقاطع اللفظية فى هذه اللغات، ولذلك يرى هؤلاء المستشرقون أن العروضيين العرب لا يوضحون مصدر الإيقاع فى الشعر العربى وهل هو نابع من تتابع قصار الأصوات وطوالها أم من النبر والضغط على أجزاء بعينها من الكلام أكثر من سواها، وفيما يلى نستعرض بعض الآراء المتخصصة فى طبيعة العروض ونلاحظ أن ثمة اتفاقا على أن إيقاع الشعر العربى يتوقف على مبدأ كمى، ولكن هناك اختلافا كبيرًا فى الآراء حول دور العناصر الأخرى فى تشكيل الإيقاع فى النظم العربى القديم مثل نمط تتابع المقاطع القصيرة والطويلة، أو مسألة وجود النبر الإيقاعى.
يرى هاينريش إيوالد Heinrich Ewald أن إيقاع الشعر العربى لا يتولد من طول المقاطع اللفظية فحسب بل من وجود نبر على بعضها، وتوصل إلى