للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسلم ومعه ميكائيل فقال جبريل لميكائيل: ائتنى بطست من ماء كيما أطهر قلبه وأخرج له صدره قال فشق عن بطنه فغسله ثلاث مرات واختلف إليه ميكائيل بثلاث طسات من ماء زمزم فشرح صدره ونزع ما كان فيه من غل وملأه حلمًا وعلمًا وحكمة وإيمانًا ويقينًا وإسلامًا وختم ما بين كتفيه بخاتم النبوة. وفى صحيح البخارى عن صعصعة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أتانى آت فاستخرج قلبى ثم أتيت بطست من الذهب مملوء إيمانًا فغسل قلبى ثم حُشى ثم أعيد (٨).

والنظر الدقيق والتأمل الصادق فى هذه النصوص يهدى إلى أن الإسراء كان بروحه، لأن العقل والنقل لا يقرّان بأن الشق من جبرائيل كان لجسمه الشريف ولا يشك فيه عاقل، ثم هل يقر العلم والعقل أن الإيمان والعلم والحكمة والحلم والإسلام واليقين مما توضع فى طست من الذهب، وهل صفة الغل تغسل بالماء، وهل هذه الأمور التى ذكرت فى ابتداء الإسراء إلا شواهد بأنه كان بالروح؟

وفى رواية الطبرى أيضا (٩) أن النبى صلى الله عليه وسلم مر بعير من أعيار قريش بواد من تلك الأودية فنفرت العير وفيها بعير عليه غرارتان سوداء وزرقاء حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إيلياء فأتى بعد حين بقدح خمر وقدح لبن فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدح اللبن، فقال له جبريل (هديت إلى الفطرة، لو أخذت قدح الخمر لغوت أمتك). وهل يبقى بعد ذلك شك فى أن هذه الأمور تشير إلى إسراء حصل له صلى الله عليه وسلم بروحه واتصل بمقام من العلم الرفيع وكان منه قاب قوسين أو أدنى؟

وفى كلام حكماء الإسلام الإلهيين ما يعلل مسألة الإسراء فلسفيًا بما لا


(٨) طبرى جـ ٣ ص ٣٤٥ مطبعة مصر.
(٩) طبرى جـ ١٥ ص ٥.