الزمن بدا أن عسقلان على وشك أن تنتقل إلى حكم الفرنجة. إلا أن الخلافات الداخلية بين الصليبيين هى التى أنقذتها من براثنهم، وبقيت فى أيدى المصريين. وقد ظلت عسقلان على مدى قرن ونصف القرن من الزمان مدينة حدودية، وهدفا عسكريًا رئيسيا فى الصراع بين الصليبيين، وحكام مصر المسلمين. وظلت تحت سيطرة المصريين فى الثلاث والخمسين سنة الأولى بعد قدوم الصليبيين، حيث استخدموها رأس جسر وقاعدة تشن الغارات منها على أراضى الفرنجة. ونتيجة لتضخم عدد سكانها بوفود اللاجئين من مناطق الفرنجة المحتلة، وحاميتها التى تعزز من مصر، أصبحت عسقلان مركزًا حربيًا كبيرا. ولكن على الرغم من الاستئناف الجزئى للتجارة مع بيت المقدس، إلا أن الحياة كانت صعبة فى هذه القاعدة الأمامية، ولم يجد المصريون مناصًا من أن يرسلوا إمدادات جديدة وقوات نجدة عدة مرات خلال العام الواحد (وليم الصورى، المجلد ١٧، ص ٢٢؛ وابن الميسر، الحوليات، ص ٩٢). ووفق رواية وليم الصورى كان كل سكانها المدنيين بما فيهم الأطفال مدرجين فى جدول رواتب الجيش. وبعد سقوط صور فى أيدى الصليبيين فى سنة ١١٣٤ م، ضعف موقف عسقلان كثيرًا. وللقضاء على ما أظهرته من تهديد لبيت المقدس، أحاطها الصليبيون بحلقة من القلاع، وفى سنة ٥٤٨ هـ (١١٥٣ م)، وبعد حصار استمر سبعة أشهر، استولى بلدوين الثالث على عسقلان بهجوم برى وبحرى موحد، وأصبحت آنئذ قاعدة لمغامرات الفرنجة الحربية والسياسية فى مصر. وبعد معركة حطين استسلمت مثل معظم معاقل الصليبيين فى فلسطين، لصلاح الدين فى سنة ٥٨٣ هـ (١١٨٧ م). وفى سنة ٥٨٧ هـ (١١٩١ م) بعد هزيمة أرسوف، وجد صلاح الدين نفسه عاجزًا عن التشبث بعسقلان فى مواجهة ريتشارد ملك انجلترا، ولذلك دمرها وهاجر السكان المسلمون إلى