عشرين عامًا لكى يؤسس إمارة صغيرة فى شرق المغرب. وقد أكمل هذه المهمة من بعده أخوه وخليفته مولاى الرشيد الذى كان أكثر بصيرة وإصرارا، وكانت الفرصة مواتية له بسبب ما كانت تعانيه البلاد من فوضى فضلًا عن أن جماعة المرابطين الكبيرة كانت قد بدأت فى الاضمحلال.
وبدأ مولاى الشريف (بعد وفاة والده فى سنة ١٠٦٩ هـ/ ١٦٥٩ م وحتى هربه من أخيه مولاى محمد) يجرب حظه حيث استطاع أن يجمع جيشًا صغيرًا ونجح فى تأسيس دولة له فى شرق المغرب بمساندة عرب المعقل وبربر بنى يزناس ثم شرع فى توسيع أرجاء مملكته بالتدريج واتخذ من "تازا" حاضرة له. واستولى على فاس فى سنة ١٠٧٦ هـ/ ١٦٦٦ م ونصَّب نفسه سلطانًا وكرّس كل جهوده لإخضاع قوات المرابطين التى اقتسمت فيما بينها شواطى الأطلنطى بالمغرب وقد قام أولا بغزو شمال المغرب وبعد ذلك هزم الدلائيين ثم دخل مراكش فى سنة ١٠٧٩ هـ/ ١٦٦٩ م واحتل السوس لكن وافته منيته فى مراكش سنة ١٠٨٢ هـ/ ١٦٧٢ م دون أن يدعم ما حققه من إنجازات.
وهكذا تمكن الشريف الفلالى من الوصول إلى السلطة كنتيجة لمغامرة شخصية تأرجحت لفترة طويلة ما بين أعمال العصابات والحرب وبلغت ذروتها بغزو المغرب بسهوله وواحاته.
وقد نجح مولاى الرشيد نجاحًا يُعزى إلى المعاونة الصادقة التى قدمتها له بعض القبائل العربية ولسبب ما كانت تمر به البلاد من الضعف وفشل جماعة المرابطين الكبيرة فى إعادة النظام وسن القوانين ولكن البلاد كانت ما تزال فى حاجة إلى أن يوضع كل شئ فى مكانه.
وعلى الرغم من أن أزمة المرابطين قد انتهت فجأة إلا أن مشكلة العرب التى كانت دائمًا خطيرة ظهرت على قدم المساواة مع مشكلة البربر، وهو الأمر الذى كان سببًا رئيسيًا فى دفع صنهاجة أطلس إلى الشمال والغرب، كما أن مسألة تنظيم الجيش وإصلاح الحكومة وكذلك تثبيت مكانة المغرب على مسرح البحر المتوسط ظلت باقية.