للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مناسبة زحف إلى البصرة وقد استطاع الجانبان أن يصلا إلى تسوية يتخلى علىّ بمقتضاها عن النفَّار (على حين يضمن سلامتهم). ولكن لم تكن هذه هى النهاية التى كان يريد أن يصل إليها المتطرفون فى حزبه، فأثاروا شجارًا تطور إلى معركة عرفت باسم موقعة الجمل (١٥ جمادى الآخرة سنة ٣٦ هـ/ ٩ ديسمبر ٦٥٦ م) قتل فيها طلحة والزبير، وأصدر علىّ أوامره بأن تعود السيدة عائشة فى حراسة إلى المدينة.

وبعد هذا النجاح استشعر علىّ الأمل فى استعادة ولاء حاكم الشام ببدء مفاوضات معهم ولكن بلا جدوى. وطالب معاوية باستسلام قتلة عثمان -الذى قتل "مظلوما"- للولى أى لأقرب أقربائه، وأصر على عدم إعطاء علىّ البيعة، ومن ثم لجأ علىّ إلى الهجوم، وواجه كل من الجيشين الآخر فى صفين (وكان كل جيش يتألف من عشرات الآلاف من الرجال) وبعد مناوشات تخللتها هدنة فى محرم عام ٣٧ هـ/ يونية - يولية ٦٥٧ م، التحم الجيشان، وكانت هناك معارك لمدة أسبوع بين الفرسان والمشاة، أعقبها قتال عنيف عام ٣٧ هـ/ ٢٨ يولية ٦٥٧ م). وبدا أن نجم معاوية على وشك الأفول، حين نصحه عمرو بن العاص بأن يرفع جنوده المصاحف على أسنة الرماح، ولم يكن هذا يعنى الاستسلام، بل التحكيم للقرآن، وكان أن صيغت اتفاقية فى صفين (صفر عام ٣٧ هـ/ ٦٥٧ م)، يلتقى بمقتضاها طرفا التحكيم -أبو موسى الأشعرى عن علىّ وعمرو بن العاص عن معاوية- فى مكان وسط بين سوريا والعراق بحضور شهود يختارونهما، وذلك لاعلان قرارهما. وعادت الجيوش إلى قواعدها لانتظار قرار التحكيم ولكن بعض الأشخاص فى صفين احتجوا على التحكيم وهتفوا "لا حكم إلا للَّه"، وليس من حق الإنسان أن يقرر شيئا، وهناك نص قرآنى واضح فى ذلك وهو قوله عز وجل {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (الحجرات - ٩).