معروف حتى كان عهد هارون الرشيد عندما أعلن عن قبره فى موقع على بعد بضعة أميال من الكوفة حيث أنشئت مدينة النجف هناك.
وقد كان علىّ قويًا متين البنية بدينًا، عريض المنكبين، ذا جسم مشعر، ولحية بيضاء طويلة تغطى صدره، ولم يكن اجتماعيًا، وكان له أربعة عشر ولدًا، وتسع عشرة بنتًا من تسع زوجات وعدد من الجوارى.
ومن بين أبنائه كان هناك ثلاثة فقط لعبوا دورا تاريخيًا هم الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية وخمسة من هؤلاء جميعًا هم الذين خلفوا ذرية. ويعرف عن علىّ معرفته العميقة بالقرآن الذى كان واحدا من أفضل قرائه. وقد نسبت إليه الكثير من المواعظ والرسائل والأقوال الحكيمة جُمعت فى كتاب نهج البلاغة، وكانت مواهبه كخطيب غير عادية. ثم هناك الكثير الذى يدل على تقشفه، والتزامه الصارم بالقواعد الدينية، وبعده عن متاع الدنيا، وتقواه فيما يتعلق بالغنائم والثأر. ولاشك أنه اشتبك فى حروب مع المسلمين "العصاة" كواجب مفروض عليه حتى تقوى العقيدة وينتصر الهدى. فبعد أن انتصر فى موقعة الجمل، حاول أن يخفف من آلام المهزومين وعندما انتهت المعارك أبدى حزنه، وبكى على الموتى بل إنه صلى على أعدائه. وربما يرجع غموض سياسته تجاه الحروريين إلى الخوف من عصيان اللَّه. وبالرغم من أنهم أقنعوه أن التحكيم خطيئة، فإنه اعترف أيضًا بأن انتهاك معاهدة صفين خطيئة كذلك ومن ثم مضى بالتحكيم إلى غايته. وقد كانت الطاعة والتسليم بالشرع الإلهى هو مفتاح سلوكه. ولكن كانت تحكم آراءه صرامة شديدة حتى أن أعداءه وصفوه بالتشدد ولكنه لم يستطع بسبب تمسكه الشديد بالقواعد الدينية، أن يتكيف مع ضرورات المواقف التى كانت تختلف تماما عما كانت عليه أيام محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] ولذلك كان أقل مرونة من معاوية. فقد كان برنامجه مفرطًا فى المثالية، ويمكن أن يكون قد اكتشف ذلك عندما أصبحت السلطة فى يده. وقد يفسر -هذا مع الأحداث الخارجية- ظروفه فى سنواته الأخيرة.