التالى، ولقد أدت إجراءاته الاقتصادية إلى أن أصبح موضع كراهية الناس، لاسيما بما صحبها من الأموال الفائضة التى صرفت على الحملات التى وجهها لإخراج الفاطميين من مصر وبما حدث من هزيمة ابن أبى الساج، وترتب على ذلك إعادة ابن الفرات للمرة الثالثة لتولى الوزارة مكانه.
وأُمسك علىّ بن عيسى مرة أخرى وسئل عن إدارته للشئون المالية وعن صلته بالقرامطة الذين أغاروا على البصرة بعد خلعه بأربعة أيام فقط، فبرئت ساحته من التهمة الثانية ولكنهم أرغموه على كتابة صك على نفسه بثلاثمائة ألف دينار وهن ثم أخذه المحسِّن بن أبى الفرات وعذبه، ووجد من يساعده على دفع ما فرض عليه من الغرامة. وإذ ذاك اكتفوا بنفيه إلى مكة، حيث حاول حارسه قتله أكثر من مرة فلم يفلح فنُفى إلى صنعاء فبقى بها حتى منتصف العام التالى حين قتل ابن الفرات فتولّى وظيفة كشف مصر والشام ثم استدعى بعد ثلاث سنوات (أعنى عند نهاية ٣١٤ هـ) وعهد إليه بالوزارة من جديد.
لم يبق هذه المرة فى الوزارة إلّا عامًا وبعض عام، إذ كانت الحكومة العباسية حينذاك أفلست إفلاسًا لا رجاء فى معالجته، وتجرأ البيزنطيون مدفوعين بضعفها الظاهر ودخلوا البلاد الإسلامية واستولوا على سميساط، كما أن القرامطة زحفوا على بغداد وأوشكوا على الاستيلاء عليها بعد أن أخذوا الكوفة وهزموا ابن أبى الساج واضطر الوزير علىّ بن عيسى أن يطلب الأموال من الخليفة وأمه لصرفها فى الدفاع عن المدينة ولدفع أجور الجند المتمردين، وعلى الرغم من أنه التمس إعفاءه من الوزارة يأسا منه من إصلاح الأمور المالية فإن المقتدر لم يستجب لالتماسه، ولكنه ما لبث أن أخرجه من الوزارة وزج به فى السجن.
ثم أطلق سراح الوزير على بن عيسى بعد خلع المقتدر للمرة الثانية فلما أعيد الخليفة عهد إليه بالنظر فى المظالم، ثم صار بالتالى فى سنة