الأشعث ضد الحجاج رفع هذا الأخير ما يتحتم على النجرانيين دفعه إلى ألف وثمانمائة حلة لأنه شك فى كونهم قد عقدوا اتفاقا سريا مع الثائرين مع أن عددهم -أى نصارى نجران- كان قد تقلص إلى ٤.٠٠٠ بعد أن كانوا ٤٠.٠٠٠ وعندما تقدموا بالشكوى إلى عمر بن عبد العزيز خفض المفروض عليهم إلى العشر، فكان عليهم دفع ٢٠٠ حلة بدلا من ٤٠٠٠، أى أصبح إجمالى ما يدفعوه سنويا هو ٨٠٠٠ درهم (باعتبار الحلة بأربعين درهما).
لقد كانت التنظيمات الإدارية العظيمة التى وضع أسسها عمر بن الخطاب فى حاجة إلى تطوير جديد يلائمها مع الزمن فكانت أهم إصلاحات عمر بن عبد العزيز هى إجراءاته المهمة لإصلاح النظم المالية. لقد كانت خزانة الدولة فى عهد عمر بن عبد العزيز تعانى من نقص مستمر بسبب كثرة المتحولين للإسلام، وكثرة الذين هجروا أراضيهم الزراعية واستقروا فى المدن فعانت الزراعة من التدهور من جرَّاء ذلك. وكان الحجاج قد واجه هذه المشكلة بفرض الخراج حتى على المسلمين من ملّاك الأراضى وكانوا قبل ذلك لا يدفعونه كما منع الحجاج الهجرة إلى المدن، ولم تحظ إجراءات الحجاج بالرضا لكنه لم يُعر ذلك اهتماما، ولكن عمر بن عبد العزيز صمّم على عدم التحصيل من المسلمين، وأكثر من هذا فقد كان من رأيه أن الأرض المفتوحة ما هى إلا ملكية عامة للمسلمين وبالتالى لا يجوز تقسيمها أو بيعها، ولا شك أن رأيه هذا كان متفقا مع رأى فقهاء المدينة. وفى سنة ١٠٠ هـ/ ٧١٨ - ٧١٩ م منع المسلمين من شراء الأرض التى فُرض عليها الخراج، لكنه لم يطبِّق هذا المنع بأثر رجعى، كما رفع عمر بن عبد العزيز كل العراقيل التى كان الحجاج قد وضعها أمام الراغبين فى هجرة المهتدين الجدد للإسلام إلى المدن، وأكثر من هذا فقد دفع للموالى فى خراسان الذين حاربوا إلى جانب المسلمين أجرا كما أعفاهم من الجزية وجعلهم بهذا كالمسلمين سواء بسواء.
وقد خلت فترة حكم عمر بن عبد العزيز من الاضطرابات التى كان