ويستمد أصله -كتعبير- من حقيقة أن الغربان تنقاد بالغريزة إلى المخيمات التى يستعد شاغلوها للرحيل وتأخذ فى النعيق إعلانا عن أن "البَيْنْ" وشيك الحدوث. ومَرْأى الغرابُ منفّر فى حد ذاته، الأمر الذى حدا بالعرب القدماء إلى اعتباره، "طائر شؤم" وإلى عكوفهم على ملاحظة وتفسير كيفية طيرانه ونعيقه فى إطار ما عُرف بـ "الطَيرة".
وفى مجال الأدب قورنت رسالة فى "عرافة الطيور" تُعْزَى للجاحظ مع اثنين من النصوص الأشورية - البابلية، ووجد أن النص العربى لا يمكن أن يكون ناتجا عن استقصاء أُجرى بين ظهرانى البدو، مما يوحى بأنه محاولة متأخرة للتوفيق بين عناصر مختلفة الأصول، ومن الغريب مع ذلك أن الجاحظ كان أحد الكُتّاب القلائل الذين أعتبروا الإيمان بالتطير من نعيق الغراب وطيرانه مجرد خرافة (الحيوان جـ ٣).
وفى الدين الإسلامى استخدمت كلمة "غُراب" فى القرآن (المائدة: ٣١) للإشارة إلى الغراب الذى أرسله اللَّه ليبين لقابيل كيف يدفن جثة أخيه هابيل. ومع أن المناطقة يرون فى ذلك إبداء لحظوة ذلك الطائر عند اللَّه؛ فإنهم لا يفلحون فى إخفاء تحاملهم الشديد عليه من جراء قصة "غراب نوح"، الذى أرسله نوح عليه السلام للاستطلاع لكنه عثر على جثة ولم يعد.
وقد عرف العرب العديد من سلالات الغربان؛ بما فيها من سلالة يمكن أن تتعلم الكلام، ولاحظوا علاقات الغربان العدائية مع الماشية والحمير والبوم. كما إن عادة الغربان فى الحط على ظهور الجمال لكى تدس مناقيرها فى الخراريج المتكومة عليها تضاعف من كراهية البدو لتلك الطيور التى لم يعرفوا عنها إلا القليل على أية حال طالما أن البعض منهم كانوا يؤكدون أنها تتكاثر عن طريقَ نقْر الإناث بمناقيرها!
والغراب من بين الحيوانات التى يجب قتلها, ولحمه محرم؛ ومع ذلك فقد اعتُقد فى امتلاكه لخصائص طبية معينة، فدمه المجفف عُدَّ دواء للبواسير. ومنقار الغراب حين يحمله امرؤ يحميه من الحسد، لكن الغراب فى الرؤيا نذير شؤم بالطبع.