أعلنوا تأييدهم لعبد الملك المظفر بن منصور بن أبى عامر أول وزير لهشام الثانى فوجدوا الترحيب الكبير فركبوا البحر مع طائفة كبيرة من عشيرتهم وأنصارهم وعلى رأسهم زاوى بن زيرى وسرعان ما أصبحوا أهم كتائب الجيش البربرى الذى جمعه العامريون، فلما مات عبد الرحمن شانجول نقلوا ولاءهم لزعيم حزب البربر فى الأندلس وهو "سليمان المستعين"، فكان لهذا التأييد الفضل الأكبر فى اعتلائه كرسى الخلافة، فلما أخذ سليمان فى مكافأة أتباعه أقطع هؤلاء إقليم ألبيرة وأعنى بذلك أراضى سهل "شينيل" الفتية مع نواح أخرى، وكانت عاصمتها مدينة "ألفيرا" القديمة التى ما لبثت غرناطة أن حلت محلها، وكانت غرناطة مجاورة لها وكان أغلب سكانها من اليهود.
ويجمع جغرافيو الأندلس ومؤرخوها على جمال غرناطة وخصب تربة سهولها ولعل مرآها الجميل أثار فى نفوس الزيريين ما يترجم عنه آخر أمير منهم وهو عبد اللَّه الذى أثنى على واديها الجميل فقد أعجبته قنواته المائية وأشجاره وتلاله، وهذا هو الذى جعل بنى زيرى يجمعون العزم على إقامة مدينة لهم هناك فبادر كل أندلسى وبربرى إلى تشييد دار له بها، وسرعان ما أصبحت "ألفيرا" خرابا.
وليس من شك فى أنه خلال العصر الرومانى وفى زمن الإمبراطور "أوجستوس" كانت كورة "ألفيرا" تقوم على سلسلة الجبال المسماة بهذا الاسم أيضا، وقد تم العثور إلى جوارها على أطلال رومانية ومسيحية بل وعربية، وليس بين أيدينا تفاصيل عن فتح البربر لها فى القرن الخامس، أو عما حدث من تدمير فى إقليم غرناطة حين اقتحمها "ليوفيلد و" على رأس جيشه. لكن لما جاء المسلمون ترك موسى بن نصير لولده عبد العزيز مهمة إخضاع شرقى الأندلس والاقليم الساحلى المطل على البحر المتوسط، واستطاع فى أثناء زحفه أن يحتل مالقة وألبيرة، كما أن أبا الخطار الحسام بن ضرار -حين صارت إليه الولاية سنة (١٣٥ هـ = ٧٤٣ م) - عهد باقليم ألبيرة غرناطة إلى جند دمشق الذين ساعد شيوخهم