ولقد تحصن المرابطون فى "القصبة" القديمة واستبسلوا فى صد هجمات سيف الدولة وأرغموه على الارتداد بعد أن قتلوا ابنه عماد الدولة إذ باغتوه بالهجوم، ولما أخرج الغرناطيون عليا بن أضحى الذى ارتد إلى حصن المنكب اعترفوا بسيادة مرابطى القصبة عليهم، ولقد ظلوا محافظين على مكانتهم حتى سنة ٥٥١ هـ (= ١١٥٦ م) بقيادة ميمون بن بدر قائد ابن غانية، إلا أن أعمال حكام قرطبة واشبيلية الموحدين زادت من إحساسهم بعزلتهم وتضاؤل عددهم فكاتبوا مراكش فى طلب الصلح فأجيبوا إليه، وجاءت الأوامر إلى عبد اللَّه بن سليمان قائد اسطول سبتة إلى العدوتين وهو السيد أبو عثمان بالابحار إلى الجزيرة الخضراء ومنها إلى غرناطة فأسلم "ميمون بن بدر" المدينة وانتقل بجميع مرابطى غرناطة إلى مراكش وسكنوها.
واستعد حاكم غرناطة الجديد للرسو برا على ساحل المرية التى كانت فى يد القشتاليين، على حين قام أسطول "سبتة" بمحاصرتها بحرا، ونجح فى احتلالها مرة ثانية، وحينذاك أسرع الفونسو السابع وحليفه "ابن مردنيش" لمعاونتها ولكنهما لم يستطيعا الاحاطة بها، ومن ثم حاول مباغته غرناطة التى كانت حاميتها غائبة عنها فى المرية، غير أن الوزير أبا جعفر أحمد بن عطية والسيد يوسف بن عبد المؤمن (وقد توقعا استسلام المرية) استطاعا أن يسبقاه إلى غرناطة ونجحا فى الدفاع عنها مما أدى إلى إنقاذ بعض النواحى. ومات الفونسو السابع يوم ٢١ اغسطس ١١٥٧ وحينذاك نعمت غرناطة بفترة من السلام لمدة خمس سنوات إذ قام "ابن همشكا" سنة ٥٥٧ هـ (١١٦٢ م) بالهجوم عليها لغضبه لضياع قرمونة من يده، وعاونه فى هذا الهجوم سكانها اليهود والمولدون، فتحصنت حامية القصبة القديمة، وطلبت نجدات من "ابن مردنيش" فجاءها بمن معه من الجند والمرتزقة النصارى بقيادة "ألفا روديز" حفيد "ألفار فانييز". وكان صاحب غرناطة السيد أبو عثمان غائبا حينذاك فى مراكش فأسرع لنجدة البلد، ولما صار فى سهل غرناطة استصحب معه