فأحسّ عباس بالمرارة رغم استبسال بنى سليم فى القتال يومذاك وفى العام التاسع من الهجرة (٦٣١ م) ذهب وقد من فزارة وفزة برئاسة خارجة بن حصن والحارث بن عوف، إلى المدينة ليعلنا اعتناق قبيلتيهما للدين الجديد، ولكن حدث فتنة فى الردة التى أعقبت وفاة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] مباشرة، أن اشهرت غطفان وبنو اسد السلاح. وهاجمت عصبة منهم بقيادة خارجة بن حصن أبا بكر فى معسكره القريب من ذى القصة ولكن المسلمين ردوها على أعقابها. وبعد ذلك هزم خالد بن الوليد بنى أسد الذين كانوا بزعامة طليحة وجماعة من فزارة بقيادة عيينه بن حصن فى موقعة "بزاخة" وقضوا على آخر مقاومة من جانب خارجة بن حصن فى الغَمْرة فى أراضى فزارة، وترتب على هذه الهزيمة أن فقدت فزارة جزءا كبيرا من مراعيها، وجئ بعيينه بن حصن أسيرا إلى المدينة، ولكن أبا بكر عفا عنه وأصبحت ابنته أم البنين زوجة لعثمان بن عفان.
وقد اشترك مقاتلو غطفان فى حروب الغزو، واستقر بعضها فى البلاد التى فُتحت حديثا. فالجيش الشامى الذى أرسل إلى المدينة بعد موت معاوية مباشرة فى عام ٦٠ هـ/ ٦٨٠ م كان بقيادة مسلم بن عقبة المرّى وفى الكوفة نجد أفرادا ينتمون إلى الأسر الكب يرة من بنى فزارة مثل منظور بن زبان صهر الحسن بن على ومحمد بن طلحة بن عبيد اللَّه الحجج، وعبد اللَّه بن بن الزبير ومندر بن الزبير. وقد تزوجت هند بنت أسماء بنت خارجة بن حصن من عبد اللَّه بن زياد ثم من بشر بن مروان وأخيرا من الحجاج.
وقد كان طبيعيا فى الصراع بين عرب الشمال (مصر) وعرب الجنوب (كلب) أن تتعاطف غطفان مع عرب الشمال وقد حاربوا فى مرج راهط (٦٥ هـ/ ٦٨٤ م) بقيادة الضحّاك بن قيس الفزارى، ضد بنى كلب ويبدو أن القراربين فى الكوفة قد أيدوا ظُفَر بن الحارث الكلبى بن عامر وعمير بن حباب السلمى فى حربهم ضد حميد بن حُريث الكلبى -وعندما قتل حميد بعضا من بنى فزارة فى أرضهم فى الجزيرة العربية، انتقمت فزاره فى معركة "بنات