ويقول ابن جنى (ت. ٣٩٢ هـ - ١٠٠٢ م) إن ساحب الماء يستمر فى عمله ما دام "الرجز" مستمرا وكذلك يفعل أصحاب الحرف الأخرى كالسقائين والبحارة، ويجزم المسعودى أن الحداء نبع من بكاء النساء وقد تشمل أغنيات الأفراح والأطفال والهدهدة [المترجم: من المعروف أن النوح يعبر عن الحزن وأن النصب يعبر عن التعب، لذا تبدو هذه الفكرة غريبة].
والحق أنه ليس لدينا علم الأبيات والموسيقى فى هذه الأغنيات الفولكلورية المبكرة على الرغم من وجود أسماء لبعض المغنين. ويؤكد كل من الجوهرى (ت. ٣٩٦ هـ - ١٠٠٦ م) وابن سِيده (ت. ٤٥٨ هـ - ١٠٦٦ م) أن النصب كان خاصًا بالعرب، ولكن لم يزد عن كونه حداء محسنا ويقول الغزالى (ت ٥٠٥ هـ - ١١١١ م) أن أساسا الوزن فى الحداء والنصب هو العروض الشعرى المعتاد.
ويرى بروكلمان Brokelman أن الكثير من الشعر قبل الإسلام كان يغنى، ولم يكن مجرد تخمين ما قاله سانت جايارد St. guyard ولاندبرج Landberg أن العروض العربى يقوم على أسس موسيقية.
ويعد اللحن والوزن هما الأساس الرئيسى، كما هو الحال فى "الملحون" فى مراكش، والإطار اللحنى للأغنية الفولكلورية بسيط، فالعبارة الموسيقية المنفردة هى الخط العام (القاعدة) وتتكرر مع كل بيت أو حتى كل مصراع. والسلم الموسيقى عامة رباعى أو خماسى رغم أن الأغنية الحرفية لا تحتاج لأكثر من نغمتين، والتحسينات المضافة للحن بواسطة نغمات منسقة -هى التى تبرز مقدرة المغنى والمحترف- ونادرًا ما يظهر هذا فى الأغانى الفولكلورية، والغناء ثلاثة أنواع -الغناء- الفردى والغناء الجماعى (الكورس) والترنيمة التجاوبية. ويستخدم الشعر الموزون وغير الموزون على السواء. وفى الحالة الأولى تسمى نشيدًا أو إنشادًا أو أنشودة والأخيرة تسمى ترتيلًا.
ولا شك أن الأغنية الفنية نشأت مع القينات فى القبائل والخمارات والأسر