وربما ترجع الشهرة التى حققتها فاطمة (رضى اللَّه عنها) إلى عظمة أبيها النبى، ولأهمية الدور التاريخى الذى قام به زوجها الإمام على وأبناؤها منه، وربما لما نسبه المسلمون إليها. -بمرور الوقت- من صفات وخلائق باهرة. ومن المألوف أن يضاف إلى اسمها صفة تشريفية فى العالم الإسلامى كله فيقال لها فاطمة الزهراء، ويتحدث عنها كل المسلمين بتجلة واحترام، إلا أن الشيعة على نحو خاص يحيطونها بهالة من القداسة وراحوا يعظمونها بعد موتها لعدة قرون؛ ففاطمة امرأة لا كالنساء، وإنما هى امرأة ارتبط اسمها باسم رسول اللَّه [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، وظلت فى الظل لا تلقى اهتماما كثيرا فى سنوات الإسلام الأولى نظرا للأحداث العظيمة والمهمة التى شهدتها تلكم السنوات، وكان لابد -وقد انتهت هذه الأحداث- أن يشتعل الخيال حول فاطمة (رضى اللَّه عنها) فتتحول إلى ما يشبه الأسطورة، وما كان هذا ليسبب مشكلة لدى المؤمنين المسلمين، لكن الباحثين الغربيين -من ناحية أخرى- كان عليهم أن يعملوا بدأب ليكتشفوا جوهر فاطمة (رضى اللَّه عنها) بمناقشة ما أحاط بها من هالة وضباب ومبالغة. أحقا كانت فاطمة (رضى اللَّه عنها) تمتلك من المزايا والصفات ما جعلها أهلًا لهذه الشهرة التى طبقت الآفاق بعد وفاتها، أم أن هذه الشهرة نتجت عن ظروف متشابكة جعلت الناس يميلون لتوقيرها توقيرًا شديدا كامرأة؟ ! إن اثنين من المستشرقين البارزين هما الأب هنرى لامنس، ولويس ماسينون قدما لنا أحكاما متناقضة عن فاطمة (رضى اللَّه عنها)، فنحن نجد أن الأب هنرى لامنس فى كتابه (فاطمة وبنات محمد Fatima et les filles de Mahomet) يرسم لفاطمة (رضى اللَّه عنها) صورة من خلال أسلوبه المفعم حيوية يستفاد منها أنها كانت طَّيبة طِيبة لا تخلو من دهاء ويعطينا صورة غير مشرقة لابنة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فهى امرأة غير جذابة، ذات ذكاء متوسط، مهملة تماما لا يقدرها أبوها النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا قليلا، ويعاملها زوجها (الإمام على) معاملة سيئة، مصابة بفقر الدم، تعانى المرض فى غالب أيامها