جوانحهم بالأهواء الناشئة من شدة وعيهم بأنفسهم وعزتهم القومية، قد التمسوا تفسيرات أخرى لمصطلحات الأبجد المعينة على التذكر التى اسلمتها لهم الروايات وعز عليهم فهمها. وكل ما حملوا على قوله فى هذا الموضوع طريف ولكنه يدخل فى باب الأساطير. ففى رواية أن ستة من ملوك مدين رتبوا الحروف العربية على أسمائهم، وفى رواية أخرى أن المجموعات الست الأولى من هذه الحروف هى أسماء ستة شياطين. وفى رواية ثالثة أنها أسماء أيام الأسبوع. وقد لاحظ سلفستر ده ساسى Sylvestre de Sacy أن المصطلحات الستة الأول هى التى استعملت دون سواها فى هذه الروايات، وأن يوم الجمعة مثلا قد سمى "ثخذ" وليس "عروبة". ولكن لا يجوز لنا أن نخلص من مثل هذه الروايات الغامضة بأن حروف الهجاء العربية لم تكن فى الأصل إلا اثنين وعشرين حرفا (J.A. Sylvestre de Sacy: Grammaire Arabe الطبعة الثانية، جـ ٣، فقرة ٩). والحق أنه كان من بين العرب أنفسهم نحويون أكثر بصرًا من ذلك، مثل المُبَرد والسيرافى، لم يقتنعوا بهذه التفاسير الأسطورية للأبجد، وأعلنوا فى صراحة أن هذه العبارات المعينة على التذكر من أصل أجنبي.
على أن ثمة تفصيلا من التفصيلات التى أوردتها تلك الإشارات الأسطورية يستوقف النظر، فقد ذكر أن ملكا من ملوك مدين الستة كان "رئيسهم"، وهذا الملدُ هو كلمن، وربما يرتبط اسمه بالكلمة اللاتينية elementum.
وانظر فيما يتصل بالترتيب الآخر لحروف الهجاء الذى يقوم إلى جانب هذا الترتيب الذى شاع استعماله: مادة "حروف الهجاء".
ولا بأس من أن نزيد بأن الصفة "بوجادى" لاتزال مستعملة فى شمالى إفريقية بمعنى "المبتدئ" أى الذى لايزال فى المرحلة الأولى (انظر المصطلح التركى "أبجد خوان" والإنكليزى. " Abcedarian "، والألمانى " Abcschuller".