وقد قامت بلاد فارس بدور بارز فى تطور المنتوجات الخزفية منذ وقت مبكر، ويبدو أنها استفادت من التقاليد الأجنبية فضلًا عن التقاليد السابقة على العصر الإسلامى ويظهر ذلك جليا فى النوع المسمى بخزف "جيرى" وكانت زخارفه تنفذ بواسطة عمل حزوز كبيرة أو صغيرة فى طبقة البطانة التى تغطى جسم الآنية تحت طلاء زجاجى شفاف لامع وتتكون هذه الزخارف من رسوم تخطيطية تذكرنا بالحضارة الفارسية القديمة وقوامها مذابح النار فضلا عن أشكال الكائنات الحية من رسوم الأشخاص والحيوانات والطيور والأسود والتنين المنفذة بأسلوب شديد التحوير.
وتعتبر مدينة الرى (وتقع أطلالها الآن قرب طهران) من أقدم مراكز إنتاج الخزف فى إيران وقد استمر نشاطها الفنى مزدهرا حتى القرن ٧ هـ/ ١٣ م وهو يعد من أحسن الأنواع المعروفة لجامعى هذا النوع من التحف [أى تجار العاديات] وتظهر المنتوجات الخزفية لهذه المدينة تنوعا كبيرًا سواء فى الشمل أو الأسلوب الصناعى [التقنية].
إن المنتوجات الخزفية المنفذة بالبريق المعدنى الذى غالبا ما يكون ذا لون ذهبى مائل للاخضرار قد مثلت بحرية تامة، وقد أنتجت الرى أيضا، علاوة على البلاطات الخزفية [ترابيع القاشانى] التى تكسو أسطح الجدران والمشكلة على هيئة تخوت ثمانية مدببة العقد أو على هيئة أشكال صلبان ذات ثمانى أذرع متساوية، والقوارير والمزهريات المشكلة على هيئة رسوم حيوانية أو المزخرفة بالحيوانات البرية المنفذة بالحفر البارز.
ولقد كان الخزافون يفضلون تمثيل مناظر الكائنات الحية وهو الأمر الذى يعد أحد السمات المعروفة للذوق الفارسى إذ نشاهد فى داخل الأطباق وعلى حوافها وعلى الأبدان المنتفخة للقوارير وفى البلاطات الخزفية جنودا وصيادين على ظهور الخيل والحكام والموسيقيين الجالسين ذوى الوجوه والأجسام الممتلئة وهى تذكرنا بمثيلتها فى تصاوير المخطوطات المعاصرة وقد نفذت هذه الأشكال الصغيرة على أرضية بيضاء أو زرقاء باهتة [شاحبة] وهم يرتدون ملابس ملونة رقيقة