بلوغ الكمال فتحدث عن ذلك حركة مضادة لحركة الصدور (١). ويذهبون أيضًا إلى أن المادة الأولى صدرت عن النفس وأن المثل توجد فى العقل.
ويقول الإسماعيلية أيضًا إن هناك كائنين واجبين هما المكان والزمان وإن اتحاد الوجودات الخمسة فى العقل تحدث عنه حركات الأفلاك والطبائع. وهم يعللون ظهور الإنسان بحاجة النفس الكلية إلى بلوغ العلم الكامل حتى تسمو إلى مرتبة العقل الكلى، وإذا ما بلغت هذه المرتبة تبطل كل حركة، ولبلوغ السعادة يجب على الإنسان تحصيل العلم، ولا يمكن أن يتأتى له ذلك إلا بحلول العقل الكلى فى إنسان هو النبى [- صلى الله عليه وسلم -] وفى الأئمة الذين يخلفونه، والعقل الحال يسمى عندهم "ناطقاً" وتسمى النفس الحالَة "أساساً"، والأول هو فى رأيهم النبى [- صلى الله عليه وسلم -] الذى يبلغ الكلام المنزل، أما الثانى فهو الذى يفسره معتمداً على التأويل. وأركان الإسماعيلية الثلاثة الأخيرة هى الإمام والحجة الذى يعهد إليه بالتدليل على صدق رسالة الأساس، ثم الداعى. وهم يقولون إن محمداً هو الناطق وعلياً هو الأساس.
وهناك عدة مراتب للمجتهدين فى مذهب الإسماعيلية (كانت سبعاً ثم أصبحت تسعًا)، وكان الداعى لهذا المذهب يبدأ بأن يسأل المبتدئ فى معضلات الفقه الإسلامى (وتلك هى الطريقة المألوفة عند طائفة الباطنية) ثم يجعله بالتدريج يتفق وإياه على أن هذه المسائل من السهل الإجابة عنها بالتفسير الرمزى وتأويل القرآن. وكان للناتج من حساب القيم العددية لأحرف الهجاء أهمية كبرى عند الإسماعيلية (انظر Fragments: St.Guyard، جـ ٢؛ ) فإذا ما اقتنع المبتدئ بقوة حجة الداعى طلب إليه أن يقسم ليخفيَن ما يلقن من الأسرار التى سوف يلقنه إياها، ثم يلقنه أن سلامَة النفس تتوقف على طاعة الإمام طاعة عمياء فى أمور الدين والدنيا. ولا تصل أغلبية المجتهدين فى هذا المذهب إلى ما بعد المرتبتين الأولى
(١) الصدور هو فيض الكائنات عن الخالق جل وعلا وعلى هذا تكون الحركة المضادة لحركة الصدور مقصودا بها سمو العقل إلى الخالق.