للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحيوانية، وقد وجد نفس الأسلوب الصناعى والزخرفى فى الآبار والخزانات الموجودة فى الأندلس وكذلك المغرب ومنها مجموعة رائعة بسيدى بو عثمان شمال مراكش وربما ترجع إلى القرن ٦ هـ/ ١٢ م. ومنذ هذا القرن لعب الخزف فى كل من أسبانيا والمغرب دورًا هاما فى الزخرفة المعمارية.

إن البلاطات المزججة التى ظهرت أولا فى فارس ثم فى إفريقية [أى تونس] قد ارتبطت بزخرفة المآذن وجعلت على هيئة حشوات كسيت بها الحجرات، وإن مهارة الصناع، ولاسيما المتخصصون فى الزليج، فى قطع وتشكيل البلاطات ذات اللون الواحد وتجميعها على هيئة أشكال من الزخارف الهندسية والكتابية والنباتية لهو شئ يدعو للدهشة حقا.

وكانوا على نفس الدرجة من المهارة فى نوع من الخزف المعروف المحفور والذى يقوم على كشط طبقة الطلاء الزجاجى بأداة حفر، ولذلك تترك العناصر الزخرفية كما هى. ونتوقف أخيرًا عند الخزف ذى الفواصل الجافة وهو المعروف فى الأسبانية بإسم (الكورداسيكا) وتستخدم فيه نفس العناصر الزخرفية الهندسية المتداخلة أو المتشابكة.

والتى توحى من بعيد بإحساس كما لو كانت أحد الأعمال المفعمة وهو أسلوب صناعى قديم جدا يشبه الطوب المزجج فى القصور الأخمينية بسوسة.

وهناك خط أسود يحدد كل سطح ولهذا الخط مكانة هامة فى التكوين حيث يمنع اختلاط الألوان القريبة بعضها ببعض هذا ولم يستخدم مثل هذا الأسلوب الصناعى أى واحد من خزافى سامرا ومدينة الزهراء وإنما استخدم فى شمال إفريقيا فى القرنين الخامس والسادس للهجرة ١١, ١٢ م.

وقد بلغت مراكز الصناعة الأسبانية وبخاصة اشبيلية درجة عالية من المهارة فى استخدام كل من الأسلوبين الصناعيين (الكورداسيكا والكونكا) حيث حل محل الخط الأسود خط رفيع محزوز فى العجينة لفصل الألوان بعضها عن بعض.