القرن الخامس حتى كانت الإسماعيلية صلبة العود من المحيط الأطلسى إلى الأركان السحيقة من العالم الإِسلامي ونعنى بها ما وراء النهر وبذَخشْان والهند، وكانت قوية بصفة خاصة فى فارس: فى ولايات بحر الخزر وآذربيجان، والرّىَ، وقومس، وإصفهان، وفارس وخوزستان، وكرمان، وكردستان، وخراسان؛ وكان فى طبس، وطرُشيز، وقوهِستان، وغزنة وبذخشان وما وراء النهر مراكز هامة للدعوة.
وقد خرج من فارس أئمة الفلاسفة الإسماعيلية والأصحاب الأصلاء لمذاهبها مثل أبى يعقوب السجستانى المتوفى حوالى سنة ٣٣١ هـ (٩٤٢ م) وأبى حاتم الرازى المتوفى حوالى ذلك الوقت، وحميد الدين الكرمانى المتوفى حوالى عام ٤١٠ هـ (١٠١٩ م)، والمؤيد الشيرازى المتوفى سنة ٤٧٠ هـ (١٠٧٧ م)؛ ويمكن أن نضيف إلى هذه الطائفة ناصر خسرو والحسن بن الصَبَّاح.
وكانت الإسماعيلية تضطهد فى كل مكان باعتبارها حركة سياسية خطيرة، ولكن أسباب تدهورها السريع بعد نجاحها الباهر لا تكمن فى هذا. ذلك أن أخطر ما هز كيانها هو الخلافات التى دبت بين طبقة مشايخ المذهب، بل بين أسر الأئمة أنفسهم. وكانت أول فُرقة خطيرة هى ما أحدثته الحاكمية أى الدروز الذين لم يصدقوا بوفاة الحاكم سنة ٤١١ هـ (١٠٢١ م) بل انتظروا رجعته، ولم يكن لهذه الفرقة إلا شأن سياسى محلى. أما الفُرقة الثانية التى أحدثها النزارية فكانت نكبة. ذلك أنه لما توفي المستنصر فى الثامن عشر من ذى الحجة سنة ٤٨٧ (٢٩ ديسمبر سنة ١٠٩٤) سُلب الأخ الأكبر نزار العرش، إذ انتزعه منه أخوه المستعلى يعاونه أمير الأمراء وكان موقف دوائر الإسماعيلية فى مصر أجنح إلى العداء، ولم يستطع نزار أن يجد سنداً يدعم مركزه فاعتقل وقتل هو وابنه فى السجن بأوامر من أخيه وأثار الخبر غضبا جائحا فى الشام وفى جميع أرجاء المشرق، وانفصلت أغلبية كبيرة