تفسخ المملكة. ولهذا الهدف تم تنفيذ الأعمال التى تتعلق بالرى، واستقر الأمن، كما حيل دون ابتزاز الفلاحين، بل إن الفلاسفة وأصحاب الموسوعات يرون فى الزراعة الصناعة الأساسية التى يقوم عليها النظام العالمى الجيد، والتى يعتمد عليها استمرار الجنس البشرى.
وقد كانت الغزوات والصراع بين الأسر الحاكمة من الأسباب التى تعوق التنمية الزراعية، كما كان المسئولون فى الحكومة -مدنيين وعسكريين- يفرضون رسوما مرتفعة تضر كثيرا بالزراعة، وهناك أمثلة كثيرة فى فترات مختلفة من تاريخ فارس على أن المسئولين المحليين كانوا يفرضون مثل هذه الضرائب القاسية على المزارعين مما يدفعهم إلى ترك الأرض، وما يستتبع ذلك من خرابها.
وكانت الحروب القبلية والغارات من الأسباب الكبيرة لاضمحلال الزراعة، وكانت هذه الغارات تشيع مع ضعف الحكومة المركزية، أو عندما كانت هذه القبائل وقطعانها يتزايدون إلى ما فوق المستوى الذى يمكن أن يحفظه لهم مرعى محدود أما بسبب الجفاف، أو بسبب الزيادة الطبيعية، وعندئذ يتحركون بعنف أو بغير ذلك، إلى المناطق المستقرة. والتوازن غير مستقر بين العناصر المستقرة وشبه المستقرة من السكان الأمر الذى أثر بالسلب على الزراعة وخصوصا على حدود المناطق القبلية، وقد استطاعت عدة جماعات قبلية، وعلى الأخص فى فارس فى آخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، أن يستقروا ويمارسوا الزراعة. وقد قام رضا شاه بمحاولة فاشلة لتوطين البدو فى البلاد، وخصوصا فى فارس وبختيارى وأجزاء من كردستان. ومنذ عام ١٩٥٦ تقريبًا قامت حركة يتزعمها "التركمان" وآخرون لاستصلاح مناطق الاستبس فى "جرجان".
وثمة عامل آخر يعوق التنمية الزراعية وهو عدم ضمان الملكية سواء للفلاح أو لمالك الأرض، يضاف إلى ذلك تقلبات المناخ والتى توثر كثيرا فى الزراعة، فالجفاف بسبب عدم كفاية