المرء أن يعلم قيمتها بالعقل لكى يقيم نظاما للحياة أساسه الخبرة. وهذه القيم ذات علاقة بالروح الإنسانية وهناك نظريات متنوعة عن طبيعة الروح وهى تعكس اللايقين الذى نجده عند أفلاطون وأرسطو، ولكن العقائد الغنوصية تمتزج بها، فالروح لها طريق محدد تسلكه فى الكون ومراحل تمر بها للتطهر وتعود إلى أصلها ("الربوبية" أو "الأثولوجيا" المنسوب لأرسطو). أما أتباع أرسطو مثل ابن رشد فلم يتقبل هذه الأفكار كما أننا نجد لدى فلاسفة المسلمين نوعا من الأخلاق يعتمد على دراسة النفس لدى الإغريق التى تقسم النفس إلى ثلاث أرواح أو قوى (العقلانية والغضبية والشهوية) كما تعتمد على مذهب الفضيلة. وهكذا نجد فى الفلسفة الإسلامية نوعين من الأخلاق وجدا جنبا إلى جنب وتعايشا معا لبعض الوقت كما هو الحال عند ابن سينا -أما ابن رشد فالأخلاق عنده إنسانية، والسهروردى عنده الأخلاق صوفية، وكلاهما يختلف عن الاتجاه التقليدى الصارم الذى يرى أن القانون الأخلاقى الذى أنزله الوحى هو وحده مصدر معرفة القيم الأخلاقية والدينية. ولكن الفلاسفة المسلمين فى تصنيفهم للفضائل فى إطار الفلسفة الإغريقية أدخلوا عددا كبيرا من الفضائل التى عرف بها العرب المسلمون مثل الحلم (انظر رسالة الأخلاق لابن سينا). لقد تحرر الفلاسفة المسلمون فى كثير من الأحيان من الإسلام التقليدى، ولكنهم يفضل "التأويل" كانوا يعتقدون أن أفكارهم تنسجم مع ما جاء به القرآن حيث كانوا يقتبسون منه باستمرار الشواهد دون إدماجها ضمن براهينهم. ومن هنا يعد علماء الكلام معارضين لهم باعتبار أن هؤلاء يبدأون مسيرتهم انطلاقا من الكتب المنزلة. وهكذا كان الشأن مع إخوان الصفا حيث تحدث عنهم أبو حيان التوحيدى فى "الإتباع والمؤانسة" الليلة السابعة عشرة. فالشريعة فى رأيهم قد دنسها الجهل وشوهها الخطأ، ولابد من الفلسفة لتطهيرها، إنه بالإمكان بلوغ الكمال إذا نسقنا بين الفلسفة اليونانية والشريعة. ويعلن التوحيدى عن مطمح الفلاسفة: ذلك أنهم لا يرغبون فى شفاء الناس من أدوائهم، فهذه مهمة الأنبياء وحدهم،