وزادت فضمت إليهما مذهب الأشعرية، وحدث فى نفس الفترة أن ظهر لأول مرة فى بغداد أمير سلطان الدولة ثم عاد إلى إيران وتخلّى عن مكانه لمشرف الدولة الذى ذهب إلى بغداد فى محرم ٤١٤ هـ وطالب الخليفة بالحضور إليه لمقابلته.
على أن الخصومة والمنازعات التى اندلعت نيرانها بين الأمراء البويهيين بعد موت مشرف الدولة سنة ٤١٦ هـ (= ١٠٢٥ م) أتاحت الفرصة للخليفة أن يلعب دورًا سياسيًا هامًا. ومجمل القول إن الخليفة القادر باللَّه العباسى واجه أخطارًا جمة، لم تمنعه من أن يكرس أيامه الأخيرة فى تقوية الدعاية لبنى العباس، وأقدم على ثلاثة أمور أولها أصداره ثلاثة مراسيم أولها ندد فيه بالمعتزلة من جديد وثانيها مهاجمته على وجه الخصوص فكرة "خلق القرآن" وثالثها تمجيده الخلفاء الأوائل وإعلانه الالتزام بالخير وتجريم الشر.
وعلم الخليفة فى الوقت ذاته عن طريق الأخبار التى جاءته بالأحداث التى وقعت فى الولايات الشرقية، حيث هاجم محمود الغزنوى الشيعة وأنزل بهم أضرارًا كبيرة، ثم عمل على زيادة رقعة العالم الإسلامى والقوة الإسلامية، إذ بدأ فى القيام بفتح الهند، فى الوقت الذى شغل نفسه بمحاربة البويهيين فاستولى على الرى سنة ٤٢٠ هـ (= ١٠٢٩ م)، ثم هاجم "كرمان" سنة ٤٢٢ هـ.
وفى سنة ٤٢١ هـ نادى الخليفة الكهل بولده أبى جعفر وليا للعهد من بعده (وهو الذى ولى الخلافة فى سنة ٤٢٢ هـ وطالت مدة حكمه حتى بلغت أربعة وأربعين عامًا وشهرًا إلا قليلًا).
ولما مات الخليفة القادر باللَّه سنة ٤٢٢ هـ (١٠٣١ م) كانت الخلافة قد اشتدت هيبتها، كما أنه بذل جهودا كبيرة ظهر أثرها فى عملين جليليين أحدهما من تأليف الماوردى الشافعى، والآخر من قلم ابن الفراء الحنبلى وكان الكتابان يحملان عنوانا واحدا، هو "الأحكام السلطانية".