عبد الرحمن الثانى داراً للصنعة خشية سقوط المدينة ثانية فى أيدى المجوس كما ابتنى مراكب سريعة، ولم يمنع هذا من وجود صلات ودية بينه وبين ملك المجوس، بل لقد أسفر يحيى بن الحكم الغزال إلى بلاط هذا الملك. وفى عهد ولده محمد هاجم النرمانديون الأندلس مرة أخرى عام ٢٤٥ هـ (٨٥٩ م) ولكن الراجح أن يكون النرمانديون الذين عسكروا عند مصب نهر الوادى الكبير لم يذهبوا إلى إشبيلية بل ذهبوا مباشرة للاستيلاء على الجزيرة الخضراء - Al geciras . ومع ذلك يفترض ابن خلدون والنميرى أن النرمانديين نزلوا إلى إشبيلية فى ذلك الوقت (انظر على الأخص Recherches Les Normandes en Espagne: R.Dozy ص ٢٥٦ - ٢٦٣، ص ٢٧٩ - ٢٨٤).
وفى عهد الخليفة عبد الله اضطربت المدينة مدة طويلة من جراء أطماع وتدابير الأسرتين اليمنيتين الكبيرتين: بنى خلدون وبنى حجاج، وكان لهما أملاك واسعة وموال فى جميع أرجاء البلاد، وكانوا يبغضون أسيان إشبيلية الذين دخلوا فى الإسلام، كما كانوا يبغضون خلفاء قرطبة الأمويين. وما إن اعتلى عبد الله العرش حتى ألّب زعيم الأسرة الأول كُرَيْب بن خلدون جميع بلاد الشرف وضم تحت لوائه زعيم بنى حجاج وغيره من زعماء جنوبى الأندلس من العرب والبربر وعاث فى جميع أنحاء إشبيلية بالسيف والنار، ولكنه قضى بعد ذلك عام ٢٧٨ هـ (٨٩١ م) على المارقين فى إشبيلية، وأحيانًا كان الخليفة يعاونه فى ذلك. وأصبحت السلطة للعرب فى هذه المدينة. ولم ينفذ الخليفة إليهم حملة إلا بعد أربعة أعوام.
وفى عام ٢٨٦ هـ (٨٩٩ م) تنازعت الأسرتان بعد أن كانتا فى صفاء فانتصر إبراهيم بن الحجاج وقتل كُريبًا، وبعد أن تحالف إبراهيم مع الثائر المشهور عمر بن حفصون خضع آخر الأمر لخليفة قرطبة. بينما كان يستمتع