ساحقة بالعثمانيين فى قيصرية بآسيا الصغرى وأسر جماعة من قادتهم، وهنا تجلت حكمة قايتباى العظيمة إذ ظهر ميله الشديد للصلح لإدراكه مدى ضخامة موارد العثمانيين، ومن ثم تمت الموادعة بين الجانبين المملوكى المصرى والعثمانى التركى سنة ٨٩٦ هـ (= ١٤٩١ م) واتسمت بقية عهد قايتباى بالهدوء لكن لم يحدث أى تحسن داخلى، ومن الحق أن نقرر أن قايتباى نجح بنفوذه وحده فى تحاشى القتال بين فرق المماليك المتنافرة لكنه لم يستطع أن يكبح على الدوام جماح تمردهم، هذا إلى جانب أنه لم يوفق فى إيجاد نظام مالى قوى. .
إن عهد قايتباى يبز عهود جميع المماليك الجراكسة فى طول أمده وفى فعاليته وحسمه للأمور، وكان قايتباى شديد الميل للتعامل مع الشعوب التجارية، فبينما نرى كثيرا من أسلافه -لا سيما - برسباى- يضعون العراقيل الجمة أمام نشاط التجار الإيطاليين فإننا نجد أن قايتباى يمنحهم امتيازات جديدة، ولم يقم بأى محاولة لاحتكار تجارة البهار. كما زادت المعاملات التجارية بين بلاد السلطان المملوكى وبين أوربة المسيحية زيادة كبيرة، وراعى قايتباى مصالح التجار من أهل البلاد واتخذ إجراءات عادلة بالنسبة لحكومات الأقطار الأخرى، ويتجلى إدراكه لمصالح بلده الاقتصادية من خلال النقوش الكثيرة التى نشرت حديثا، والتى تتعلق بإلغاء ضرائب معينة كانت عبئًا ثقيلًا على كاهل أنواع شتى من البضاعة. وبالإضافة إلى ذلك فإنه صرف الأموال الطائلة فى أعمال البناء كالمبانى التى استحدثها فى قلعة القاهرة ومارستانه وخانقاه الصوفية قرب القاهرة وتجديده جامع المدينة والقنوات التى تمد المساجد فى القدس بالماء.
على أن أنشطته الحربية أرهقت موارده المالية واستنفدتها، ويشير ابن إياس إلى أن حروبه كلفته أكثر من سبعة ملايين دينار أشرفى، هذا إلى جانب الهبات والعطايا التى كان يغدقها على عسكره حين عودتهم إلى القاهرة، وكانت هذه المنح تكلفه قدرا كبيرا من