أول حملة بحرية ضخمة قام بها العرب فى البحر المتوسط. واجتاح العرب الجزيرة بعد سقوط العاصمة كونستنتيا، وفرضوا على أهلها دفع جزية سنوية مقدارها ما بين ٧٠٠٠ - ٧٢٠٠ قطعة ذهبية يؤدونها لوالى الشام، وهو مبلغ يعادل مقدار الجزية التى كانت الجزيرة تؤديها للبيزنطيين، مما يشير -فيما يبدو- إلى خضوع الجزيرة إلى لون من الحكم المشترك بين إمبراطور الروم وخليفة المسلمين. وقد توفيت فى تلك الآونة أم حرام، زوجة عبادة بن الصامت، الصحابى الجليل، ودفنت بالقرب من لارنكا، وبنى على قبرها أعظم مساجد الجزيرة احتراما عند مسلمى قبرص، وهو مسجد هاله سلطان تكة.
وعقدت اتفاقية للسلام بين قنسطنطين الرابع والخليفة عبد الملك بن مروان سنة ٦٨٥ م ثم تجددت عام ٦٨٨ م مع جستنيان الثانى، ونصت الاتفاقية على تقسيم دخول أرمينيا وإيبريا وقبرص بين الجانبين، ولقد صمم جستنيان الثانى على نقل سكان قبرص الأرثوذكس إلى ساحل بحر مرمرة الجنوبى وإنزالهم قرب "سيزيكس" القديمة حيث أسس مدينة جسينيانوفا (الجديدة) لرئيس أساقفة قبرص وجماعته (ولا يزال اسم هذه المدينة محفور فى أعلى كنيسة قبرص)، أما هؤلاء المنفيون القبارصة فقد ظلوا فى منفاهم هذا حتى ٦٩٨ م حين أعيد سكان الجزيرة بسكانها القدماء وبأولئك الذين كانوا قد فروا إلى بلاد الشام الإسلامية، ولقد ظلت الجزيرة قرنين ونصف قرن من الزمان مناصفة بين امبراطور الروم وخليفة المسلمين وأصبح من الطبيعى اتخاذ الجزيرة قاعدة للعمليات البحرية العربية ضد آسيا الصغرى.
وفى سنة ٧٤٧ م دمرت قوة بيزنطية أسطولا جاء من الإسكندرية وتتابعت الغزوات والهجمات واحدة تلو الأخرى بقيادة حميد الوالى العباسى بالشام، ومع ذلك فقد ظلت الجزيرة جزءا من الامبرطورية البيزنطية رغم استمرار دفع قبرص الجزية للامبراطور فازيل الأول (٦٦٧ م)، وحدث فى سنة