سلامة انسحاب قواته، لكن لالا مصطفى باشا لم يلتزم بنصوص الاتفاقية تمام الالتزام حيث أمر بقتل القائد البندقى والكثير من رجاله.
واعترف البنادقة بالسيادة العثمانية على الجزيرة بموجب معاهدة ١٥٧٣ م، وتحولت قبرص إلى إيالة عثمانية تتألف من ثمانى سنجقيات، وكان أول حاكم تركى لها مظفر باشا، وعين للإيالة قاض ودفتردار، وأدخل الأتراك الكثير من الإصلاحات الإدارية والمالية والدينية فى بادئ حكمهم فقد خففوا عبء الضرائب وألغوا النظام الإقطاعى القديم وحرروا الفلاحين من العبودية وسمحوا لهم بتملك الأرض، وألغوا الهيئة الكهنوتية الكاثوليكية التابعة لروما، وأعادوا للكنيسة الأرثوذكسية اعتبارها، واعتبرت الحكومة العثمانية كبير أساقفتها ممثل للطائفة اليونانية فى الجزيرة. وفى الوقت ذاته بدأ الكثير من الأتراك المسلمين فى النزوح إلى الجزيرة والاستقرار فى أرضها.
ولكن التدهور والفساد الذى أصاب الدولة العثمانية فى العصور التالية، أثر بصورة مباشرة على الجزيرة التى تحولت إلى إقطاعية خاصة للصدر الأعظم (وذلك سنة ١٧٠٣ م)، وعانى الأهالى من المسيحيين والمسلمين من سوء الإدارة والضرائب الباهظة، وكان لثورة اليونان (١٨٢٠ - ١٨٢٩ م) واستقلالها أثر مباشر على الجزيرة حيث بدأ سكانها المنحدرين من أصل يونانى ينزعون إلى الاستقلال والاتحاد مع اليونان. كما أن الضرائب الباهظة التى أثقلت كاهل المواطنين وعرقلت أى تحسين جوهرى للاقتصاد دفعت السكان من المسيحيين والمسلمين على حد سواء للثورة فى عام ١٨٨٣ م.
وقد شهدت العقود الخمس التالية تحسنًا كبيرًا فى الإدارة فى ظل حركة الإصلاح العثمانية التى عرفت باسم "التنظيمات"، فأصبحت قبرص سنجقية تابعة لولاية جزر البحر الإيجى، يحكمها متصرف ويساعده ديوان أو مجلس مؤلف من أعضاء من المسيحيين والمسلمين، وأتت حركة الإصلاح بثمار ملحوظة فى السنوات الأخيرة للحكم العثمانى حينما أسست محاكم قضائية.