قصير قول تعوذه الدقة. وكل جانب من جوانب السيرة الشخصية لقدامة وعمله وشخصيته بوصفه باحثًا تثير مشكلات دقيقة لا مجال لمناقشتها هنا. والمعلومات المؤكدة عنه تتلخص فى:
(أ) أنه كان مسيحيا ثم اعتنق الإسلام خلال حكم "المكتفى".
(ب) أنه تولى بعض مناصب ثانوية فى عدة دواوين فى الإدارة المركزية لبغداد إلى أن عُين فى شوال ٢٩٧ هـ/ ٩١٠ م فى "مجلس الزمام" فى "ديوان المشرق" حين عُيِّن أبو الحسن ابن الفرات ولده المحاسن كبير كتاب لذلك المجلس.
(جـ) كان على قيد الحياة فى عام ٣٢٠ هـ/ ٩٣٢ م.
(د) وأنه هو مؤلف كتابه "الخراج" الذى لم يصل إلينا إلا جزء منه، وبالإضافة إلى ذلك فإنه مما لاشك فيه أن كتاب "نقد الشعر" كان من تأليف قدامة حيث ذكر المطرزى فى تعليقه على مقامات الحريرى الذى عاش بعد ذلك بثلاثة قرون هو المصدر الوحيد الذى يشير إلى أن كتاب "نقد الشعر" كان ينسب أحيانًا إلى والده قدامة. لقد خلا تاريخ بغداد من أية ترجمة لقدامة. ولكنه يكتفى بالإشارة إلى واحد اسمه "جعفر بن قدامة بن زياد"، ويصفه الخطيب بالعالم والكاتب الخِنْذِيذ، كما يضيف الخطيب إلى ذلك أن جعفر ألّف عدة كتب تتعلق بالمراسيم وغيرها من المواضيع التى يعتبر فيها حجة كما ذكر أبو الفرج الأصفهانى صاحب الأغانى وأنه كان نفسه تلميذًا لحماد بن إسحق ابن إبراهيم الموصلى، ويشير ابن النديم فى الفهرست أن جعفر والد قدامة لم يكن لديه أى موهبة أدبية وقد ترددت هذه الملاحظة عند ياقوت الذى استعارها عن ابن النديم، ويستدل مما كتبه ياقوت تقويم البلدان جـ ٢، ص ٤١٢ - ٤١٥) أنه لم يكن يميل للأخذ بأن جعفر بن قدامة هذا كان والد مؤلفنا، على أن المطرزى (الذى عاصر الحموى) لا يتردد فى أن يجعل من جعفر بن قدامة المذكور فى تاريخ بغداد