الذى وقع فى مطلع عام ٦٣٨ م (نهاية سنة ١٦ هـ) أو مستهل التى بعدها، وذلك بعد معركة اليرموك الفاصلة فى (رجب ١٥ هـ = اغسطس ٦٣٦ م).
ويُمكن تقسيم الأخبار المتعلقة بسقوط القدس إلى ثلاث مجموعات، فأقدم الأخبار وأصدقها تقرر أن الاستلام تم مع خالد بن ثابت الفهمى أحد القادة القليلين الذين لا نعرف عنهم الكثير.
وكان من شروط تسليم القدس أن تصبح تابعة للمسلمين على ألَّا تمس المدينة بسوء ما دام أهلها يدفعون الجزية المفروضة عليهم (راجع البلاذرى، ص ١٣٩)، ومع ذلك فلا نرى إشارة إلى عقد أى اتفاقية.
أما الصورة الثانية فنطالعها فى مرجعين، أحدهما اليعقوبى جـ ١ ص ١٦٧، والآخر فى حوليات جـ ١ ص ١٧، حيث ذكر كل منهما اتفاقية شديدة الإيجاز وإن لم يختلف مضمونها اختلافا كبيرًا عما هو وارد فى رواية البلاذرى.
ثم نجد أخيرًا شروطًا مشابهة لهذه أضيفت لما اتفق عليه مع السلطات البيزنطية فى مصر، كما أن هناك بعض المؤلفين المسيحيين (وليس كلهم) يضيفون الشرط التالى "إنه لا يؤذن أن يعيش معهم بالقدس أى يهودى" ونصادف هذا الشرط أيضًا فى الطبرى تاريخ، جـ ١ ص ٤٠٥، الذى نقل عنه كثير من المسلمين ممن جاءوا بعده، غير أننا نلاحظ أن المصدر الذى استمد منه الطبرى هذا الخبر هو سيف بن عمر الذى ثبت منذ زمن بعيد عدم إمكانية الاعتماد عليه فيما يقول.
ومثال ذلك ما يخبرنا به نقلًا عن (الطبرى تاريخ، جـ ١ ص ٢٤٠٤)، عن فتح الرملة وهى المدينة التى أتاها ولى العهد سليمان بن عبد الملك بعد ذلك بثمانى سنوات، وإن نظرة عابرة إلى الاتفاقية التى أوردها سيف بن عمر وإلى تاريخها الخطأ وشهودها العجيبين لتبين لنا أنها لا تستحق الاعتبار، ذلك أنه من الطبيعى فى أزمنة الاضطراب كما حدث فى سنة (٨٧٩ هـ = ١٤٧٤ م) حين أمر السلطان المملوكى بإعادة بناء هيكل يهودى فى القدس، أن هذه الاتفاقية كانت تخدم هدفًا معينًا. أما من وجهة النظر المسيحية فمن المفهوم أن بعض الكتّاب أرادوا أن يبقوا