للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زار الكنائس ولكنه رفض الصلاة فى أى واحدة منها حتى لا يقدم مسلم من بعده فيدّعى حقه فى الصلاة بها، ولقد كان هذا الخبر يعبّر عن رغبة كريمة وُجِدت فى ظروف خاصة، ولما كانت ظروف الاستسلام قد أعطت النصارى عهد أمان فى أداء صلواتهم فى كنائسهم فإنه من المحتمل أن منطقة الهيكل كانت تستعمل كمكان يؤدى فيه المسلمون صلواتهم من البداية ويبدو مما هو وارد فى المصادر القديمة أن المسلمين الأوائل الذين استقروا ببيت المقدس كانوا من المدينة المنورة أمثال أوس ابن أخى حسان بن ثابت شاعر الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، وكان أوس من تلاميذ كعب الأحبار، وكان ورعا تقيا، (انظر ابن سعد ٧/ ٢، ١٤٢) وكان له قبر فى أيام مجير الدين يزوره الناس (راجع الأنس الجليل ص ٢٣٣)، كما يورد ابن سعد لنا أيضًا ثبتًا تضمّن أسماء الكثير من أهل المدينة ممن استقروا بالقدس (ابن سعد ٣/ ٣، ٥٧، ٧/ ٢، ١٢٩. . .) ومن بين هؤلاء الصحابى عبادة بن الصامت أول من ولِّى القضاء بالبلد وكما يقرر الذهبى فى دول الإسلام جـ ١ ص ١٤). ولما كان الأنصار معدودين أصلا من بلاد اليمن فقد كان من الطبيعى أن يكون من أهل اليمن، وهذا ما نستفيده من ابن سعد (٧/ ٢، ١٤٠) ثم استقر هؤلاء اليمنيون هناك.

وربما كان الحديث الذى يشير إلى أن "عمران بيت المقدس هو خراب يثرب" لم يكن سوى كلمة "طيبة" تشير إلى هذا الخروج من عاصمة الحجاز إلى القدس، ولتكملة هذا الحديث: راجع مسند أحمد بن حنبل جـ ٥ ص ٢٣٢، ٢٤٥، والملاحم لأبى داود، ص ٣ والبيان والتبيين للجاحظ (طبعة السندوبى) جـ ٢ ص ٢٨، والبداية والنهاية لابن كثير جـ ٢ ص ٧٩، ووفاء الوفا للسمهودى جـ ١ ص ١٢٠، والسراج المنير جـ ١ ص ٧٤٠ حيث ترد الإشارة إلى مصادر أخرى غير التى ذكرناها.

ويقرر المقدسى والكثيرون غيره أن الخليفة عثمان بن عفان الذى ولِّى الخلافة بعد ثمانى سنوات فقط من فتح المسلمين لبيت المقدس -قد أوقف