من جنوب ألمانيا وهولندة بلغ عدد أفرادها اثنى عشر ألف حاج، وقد وصل إلينا وصف شيق لهذه القافلة خلفه لنا لامبرت من أهل هرسفيلد.
كذلك يمكن الإشارة إلى ما طرأ من تطور على أساليب الحرب والتحصينات مما جعل الدفاع عن القدس أسهل من الدفاع عن أى مدينة تقع فى منبسط من الأرض مثل "الرملة" ولقد كانت شدة شكيمة بنى جراح وغيرهم من جماعات البدو عاملًا هامًا كان له أثره فى قيام الفاطميين بتقوية أسوار المقدس مرتين، جرت الأولى ٤٢٤ هـ (= ١٠٣٣ م) والثانية فى سنة ٤٥٥ هـ (= ١٠٦٣ م) وهكذا لم يدخل الثلث الأخير من القرن الخامس الهجرى (= الحادى عشر الميلادى) حتى أصبحت القدس (وليس الرملة) فى بؤرة الأحداث الحربية.
لقد أدت الغزوات السلجوقية إلى خروج الكثيرين من رعاع العسكر من شتى الأمم ممن تحركهم الأطماع، وكانوا بقيادة جماعة من المخاطرين الغلاظ الأكباد، كان منهم واحد تركمانى اسمه "اتسز بن أفاك" كانت حكومة الفاطميين قد اضطرت للاستعانة به ضد البدو -دعاة الفوضى- فى فلسطين، وكان الدافع للفاطميين إلى الاستعانة بهذا الرجل هو شدة المجاعة وتفاقمها وتفشى الأوبئة فى مصر وما عمها من الفوضى التى سادتها، ولكن ما لبث "أتسز" أن انقلب على الفاطميين واستولى على بيت المقدس عام ٤٦٣ هـ (= ١٠٧١ م) بعد أن حاصرها حصارًا طويلا، وقد مدته انتصاراته بقوة دفعته إلى مهاجمة مصر ذاتها، غير أن عودة الأمن واستتباب الأمور بها على يد بدر الجمالى الأرمنى الأصل الذى جبّ دينه وأسلم، كل ذلك أرغم "اتسز" على الارتداد سنة ٤٦٩ هـ (= ١٠٧٧ م)[دون أن يحقق هدفه وهو الاستيلاء على مصر]. وتوجد قصيدة عبرية طويلة تشيد بالنصر الفاطمى، وقد نظم هذه القصيدة ثرى يهودى من ثراة فلسطين، فصل فيها الخطوب التى حاقت بالقدس لاسيما ما أنزلته جموع "اتسز" من الدمار ببساتينها وكرومها