لحادثة أبوته: إنه سبقها دون شك، ولكن على نحو دقيق، وفق سابقة تكون نسبية بالنسبة لها فحسب، وعلى العكس، فإنه فى سياق "الأصول" يكون "حدوثا إضافيًا" الذى هو خاص إلى أقصى حد، ثم يأتى حدوث زمانى، وفى النهاية حدوث ذاتى. هذا لأن كل شئ يغطى وجوده فى الماضى فترة زمانية (أقل، يقال إنه حدوث إضافى) يكون مسبوقًا بعدم، وهو لذلك حدوث زمانى، والأحرى، إنه حدوث ذاتى، ولقد كان هذا التحليل متأثرًا بوضوح بفكر فلاسفة يميلون إلى ربط القِدَم بالضرورة الوجودية لواجب الوجود، وربط الحدوث بالإستمرارية. ويفهم المتكلمون ببساطة مصطلح قديم، على أنه غير المسبوق بعدم، أو وفق مفردات التهانوى، قديم زمانى.
فعلى ماذا تنطبق فكرة القدم؟ ينسب القدم أولًا إلى ذات اللَّه. وكل الفلاسفة علماء الدين متفقون على هذه النقطة. وهناك اختلافات فى الرأى بين المتكلمين حول مسألة قدم صفات اللَّه، فاللَّه قديم لأنه ليس خاضعًا لأصل، والموجود لا يمكن أن يكون إلا محدثًا أو قديمًا. وهكذا لو كان اللَّه خاضعًا لأصل لكى يوجد، فإنه قد يحتاج إلى موجود آخر لكى يوجده، أى إلى مُحدث، ولكن المسألة قد تنطبق على "المُحْدِثِ" أيضًا، وهلم جرًا إلى ما لا نهاية. ومن ثم، لابد للمرء أن يؤكد وجود اللَّه على أنه خالق قديم، وكما عبر عبد الجبار، هو "الصانع القديم"، وهذه الحجة التى تحمل رمزًا فلسفيًا، ليست سمة مميزة قاصرة على المعتزلة، إنها توجد فى المصطلحات نفسها أو فى ما يماثلها فى "كتاب التمهيد" للباقلانى، فى الفصل الذى يوضح فيه أن الفاعل الذى ينتج موجودات خاضعة لأصل (فاعل المحدثات) لا يمكن أن يكون هو نفسه ثمرة أصل ما. كما يوجد فى "كتاب الإرشاد" للجوينى الذى يبرهن على أن (وجود القديم غير مفتتح)؛ ويطرح فى الموضوع نفسه ملاحظة مهمة ودقيقة عن تصور وجود ما ليس له بداية: ألا يدل هذا على التوالى اللامتناهى للحظات؟ ويجيب أن اللحظة: للشئ تحدد يحقيقة أنها معاصرة مع أى