للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كاملًا فإن العلاقة الوثيقة بين أصوات الفواتح وكلمات السجع فى الآيات التالية لها لا يمكن أن يكون من قبيل المصادفة.

ومن الحقائق البارزة الأخرى، والتى لابد ألا نعتبرها من قبيل المصادفة، هو أن حروف الفواتح تمثل كل شكل من أشكال الكتابة للحروف الساكنة بالعربية، ولا يتكرر ذلك الشكل لأكثر من حرف واحد فقط. فلدينا حرف الياء الذى يكتب (يـ) بينما لا توجد الباء أو التاء أو الثاء. ولدينا الحاء (ح) بينما الجيم (ج) ولا الخاء (خ)، ولدينا الراء (ر) لا الزاى (ز)، ولدينا العين (ع) لا الغين (غ) ولدينا القاف (قـ) لا الفاء (ف) ولا الواو (و) ولدينا الكاف (كـ) لا الدال (د) ولا الذال (ذ) -إلى جانب الأشكال التى يمثل كل منها واحد فقط مثل الهمزة، واللام، والميم، والنون، والهاء. (ويجب أن نذكر أن حرف الواو بالخط الكوفى العربى كانت ترسم بنفس صورة القاف والفاء هكذا: فـ، وأن الدال كانا يرسمان مثل الكاف -هكذا: كـ، والاستثناء هو أن الحروف لم تكن تشبك فى أواخر الواو والدال والذال)، وأقرب التفاسير إلى المنطق، أى أقرب تفسير لاستعمال هذه الحروف الأربعة عشر فقط، ودون غيرها، هو أنها قد قصد بها تمثيل الأبجدية العربية. فإذا صح هذا الاستنتاج، ازدادت دلالة وأهمية معنى الآيات الافتتاحية التى تقول إن القرآن العظيم قد أنزل باعتباره "كتابًا مبينًا" بالعربية. وتشير آيات أخرى (النحل/ ١٠٣، والشعراء/ ١٩٥) إلى أن القرآن قد أنزل {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}. ويبدو أن عدم الإشارة فى الشروح والتفاسير الخاصة بالقراءات المختلفة إلى الصورة التى كانت تنطق بها أشكال الحروف الساكنة الأربعة عشر، دليل على وجود تراث شفاهى قوى يؤكد مكانة فواتح السور.

وما تزال هناك بعض الأسئلة التى لم تحظ بعد بإجابات شافية، ولكن الأدلة القائمة تدعم ما ذهب إليه لوث ونولديكى فى آرائه المتأخرة، وشفالى، وبِلْ، وألان جونز، من أن الفواتح جزء لا يتجزأ من النص القرآنى. وللفواتح