للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من سورة البقرة تشير إلى ما لم يعد موجودًا فى القرآن. ولكن عددًا من الأبحاث التى كتبت فى هذا الموضوع كان لها تأثيرها على تطوير المنهج التقليدى لتاريخ القرآن، إذ أدت إلى انتشار الاعتقاد بصحة الترتيب الزمنى لمجموعات معينة من الآيات الفردية. وانتهى الأمر بوضع قوائم طويلة من الناسخ والمنسوخ من الآيات، بعد أن قام العلماء والفقهاء بمحاولات مضنية لحصر جميع التناقضات الظاهرة، وحاول كل منهم الدفاع عن وجهة نظره، وانتهوا إلى أنه إذا وقع اختلاف بين آيتين أو أكثر، فإن الآية "السابقة" فى النزول تنسخها الآيات التالية لها فى النزول (انظر الاتقان، جـ ٢، ص ٢٠ - ٢٧).

وما زاد من تعقيد مهمة تحديد تواريخ أجزاء القرآن والبت فى الترتيب الزمنى لنزولها افتراض أن السور الحالية كانت الوحدات الأصلية للتنزيل، أى إن كل سورة قد نزلت كاملة أو فى خلال فترة زمنية قصيرة، باستثناء بعض آياتها، قبل بداية السورة التالية. وقد أدى هذا الافتراض إلى إطلاق وصف "المكية" أو "المدنية" على كل سورة من السور، وإلى محاولات تحديد الترتيب الزمنى الدقيق لكل سورة باعتبارها وحدة كاملة -بدلًا من دراسة كل قسم على حدة على نحو ما فعل علماء أسباب النزول وعلماء الناسخ والمنسوخ. ولكن القوائم التى أوردها السيوطى للسور، والتى ينسبها إلى ابن عباس (ت ٦٨ هـ - ٦٨٨ م تقريبًا) وإلى قتادة بن دعامة (ت- ١١٢ هـ - ٧٣٠ تقريبًا) وغيرها تدل على أن مدارس هؤلاء العلماء القرآنيين الأوائل لم تتفق على تحديد السور المكية والمدنية، ناهيك بتحديد الترتيب الزمنى الدقيق لها (الاتقان - ١/ ص ١٠ وما بعدها). وتصنيف البيضاوى (ت ٧١٦ هـ - ١٣١٦) يتضمن التقسيم إلى المكى والمدنى والمختلف عليه، وهو يضع ١٧ سورة فى القسم المختلف عليه وهى الرعد، ومحمد، والرحمن، والحديد، والصف، والتغابن، والمطففين، والتين، والقدر، والبينة، والزلزلة، والعاديات، والتكاثر، والماعون، والاخلاص، والفلق، والناس. وتدل