وهو تحليل مفيد، ولكن نظرته تفترض ترتيبًا شاملًا للأفكار (التوحيد والبعث واليوم الآخر وما إلى ذلك بسبيل) لم يحظ بالقبول على نطاق واسع بل لقد هاجمه العلماء وأثبتوا خطأه. أما السير ويليام ميور Sir william Muire فقد اقترح فى كتابه القرآن: تنزيله وتعاليمه (١٨٩٦) ترتيب السور فى ست مراحل، خمس منها مكية وواحدة مدنية. أما التجديد المهم الذى أتى به فهو رأيه أن الفترة الأولى لنزول القرآن تضمنت نزول الوحى بثمانى عشرة سورة، وتبدأ من قبل أن تبدأ بعثة الرسول، وهى السور التالية: العصر، والعاديات، والزلزلة، والشمس، وقريش، والفاتحة، والقارعة، والتين، والتكاثر، والهمزة، والانفطار، والليل، والفيل، والفجر، والبلد، والضحى، والشرح، والكوثر. وأوضح ميور أن هذه السور لا تتخذ شكل الرسالة المرسلة من اللَّه سبحانه وتعالى، أما الفترة الثانية فتضم أربع سور (هى العلق، والفلق، والمدثر، والمسد) وهى تتناول بداية بعثة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وذلك فى نحو عام ٦١٠ تقريبًا. أما الخطوط الفاصلة الأخرى فهى بداية جهر محمد [صلى اللَّه عليه وسلم] بالدعوة (فى عام ٦١٣ تقريبًا) والهجرة إلى الحبشة (نحو عام ٦١٥) وعام الحزن (٦١٩ تقريبًا) والهجرة. ولاشك أن ميور مصيب فى القول بأن ثمة سورًا سبقت نزول سورة "العلق" و"المدثر" ولكن "الفاتحة" وغيرها مما يضعه فى الفترة الأولى لم ينزل بها الوحى إلا فى وقت لاحق، وذلك يكاد يكون أمرًا مؤكدًا. وبصفة عامة فإن الانتقادات التى وجهت إلى نظرية الفترات الأربع تصدق على منهج السير ويليام ميور أيضًا. وفى عام ١٩٠٢ أصدر هـ. هيرشفيلد H. Hirschfeld كتابًا بعنوان "أبحاث جديدة" يقترح فيه ترتيب سور القرآن زمنيًا استنادًا إلى طبيعة الآيات والمهام المنوطة بها، كلًا على حدة. ويقول هيرشفيلد إن "الدعوة الأولى" فى سورة العلق (الآيات من ١ - ٥) تتلوها ست فترات يمكن تصنيف التنزيل فيها إلى آيات ذات نبرات "تاكيدية" (مثل سورة الأعلى، والآيات ١ - ٣٣ من سورة القلم، وسورة الليل، والآيات ٤٠ - ٥٢ من سورة