الفصحى" فى عهد محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-]. وكان يُفترض أن قريشًا وشعراء الفصحى كانوا ما يزالون يستخدمون اللغة النقية للبدو أى للأعراب. وقد وجد العلماء دعمًا لهذه النظرية فى القرآن الكريم نفسه الذى يقول فى سورة النحل {وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}(الآية ١٠٣) وفى سورة الشعراء إنه أنزل {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}(١٩٥) وفى سورة فصلت إنه قرآن "عربى" (الآية ٤٤) وهى الآيات التى فسرها المفسرون بأن لغة القرآن هى العربية النقية، وهو تفسير أقرب للنظرة الدينية منه إلى النظرة اللغوية. وقد تعرضت نظرية لغة قريش المذكورة للانتقاد من جانب كارل فولرز Farl Vollers فى سلسلة من المقالات الموثقة، بدأ نشرها عام ١٨٩٤ بعنوان Volkssprache und schriftsprache in alten Arabien (أى لغة الكلام واللغة المكتوبة فى بلاد العرب القديمة) وانتهى من نشرها عام ١٩٠٦، وهو يقول فيها إن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقرأ القرآن فى أول الأمر بلهجة عامية (أى بلغة الكلام) دون إعراب (مما يميز بينها وبين الفصحى التى يستخدمها الشعراء العرب) وإن لغة القرآن كما نعرفها الآن قد ضبطها علماء اللغة المتأخرون الذين حاولوا إضفاء الطابع الكلاسيكى عليها، وأن لغة القرآن (المنطوقة) الأصلية لا تظهر إلا فى بعض الخصائص المميزة لرسم المصحف، (مثل حذف الألف فى بعض الكلمات) وفى بعض القراءات غير المعتمدة.
وقد أثارت نظرية فولرز مناقشات كثيرة للغة القرآن، ولكنها لم تحظ بالتأييد خارج ألمانيا، باستثناء عدة مقالات نشرها بول كالى Paul Kahle عام ١٩٤٩ تتضمن أدلة على أن القرآن كان يقرأ، على الأقل خلال القرن الثانى للهجرة، دون إعراب، وهى خصيصة من خصائص العامية. وقد عجز كالى أيضًا عن إقناع الآخرين. بحجته، وانتهى العلماء إلى تقبل الأدلة التى تثبت خطأ نظرية فولرز وكالى، والتى عرضت عرضًا مسهبًا فى العرض الذى قام به ر. غاير R.Geyer (عام ١٩٠٩) ونولديكى. وأقام نولديكى وشفالى الحجة على عكس ما ذهب إليه فولرز، إذا أثبتا أن لغة القرآن لم تكن لغة