والحنابلة على ضرورة قراءتها باللغة العربية وحدها فإذا لم يستطع المصلى قراءة الفاتحة باللغة العربية استعاض عنها بأى آيات قرآنية أخرى أو حتى يردد اسم اللَّه بمقدار ما تستغرقه قراءة الفاتحة من وقت أو حتى يمرر الاسم الكريم (اسم اللَّه) على قلبه دون النطق به، إلّا أنه نسب إلى أبى حنيفة فى بداية الأمر جواز قراءة الفاتحة بالفارسية غير أنه عاد فسحب هذه الرخصة وقصرها على من لا يستطيعون حفظها باللغة العربية. وسحب الأحناف هذا الرأى على سائر اللغات الأخرى. وذهب علماء المسلمين إلى أن ترجمة القرآن الكريم كله أو بعضه إلى إحدى اللغات الأجنبية تعد أمرًا مستحيلا لأن كلمات القرآن الكريم مُعْجِزة لا يستطيع أن يأتى بمثلها بشر، وأن ترجمة النص القرآنى لأية لغة مهما كانت دقيقة لا يمكن أن تنقل المعنى القرآنى بالضبط لذا فهم يطلقون كلمة (تفسير) أو حتى (ترجمة معانٍ) على أية ترجمة للقرآن الكريم، كما جرى العرف بعد ذلك على طبع النص العربى جنبا إلى جنب مع النص المنقول إلى إحدى اللغات الأجنبية التى يطلق عليها (تفسير) أو (ترجمة معانٍ).
ولقد طرحت قضية ترجمة القرآن الكريم على بساط البحث وأثارت جدلا عنيفا فى تركيا فى العشرينات من القرن العشرين عندما شرعت السلطات فى تَتْريك الصلوات ونشرت بالفعل نسخًا من القرآن الكريم باللغة التركية غير مصحوبة بالنص العربى وقد اعترض العلماء الأتراك على ذلك وراحوا يكررون الموقف التقليدى للسنة بالرجوع للمصادر الأولى.
إلّا أنه بمرور الوقت خفت حدَّة المعارضة، بل إن الشيخ محمد مصطفى المراغى العالم الأزهرى المعروف نشر بحثا مستفيضا سنة ١٩٣٢ م أفتى بأن استخدام لغة أجنبية فى قراءة السور القرآنية عند أداء الصلوات مسألة (واجبة) لأن المهم هو (المعنى) وليس (الإعجاز) فى هذه الحالة ولصعوبة تعليم العربية لكل المسلمين من غير العرب ووافق على هذا الرأى أيضًا الشيخ شلتوت، ومن الأفكار التى