عن أصحاب البدع أو مباحث تلاوة القرآن كما أن هناك شكًّا فى صحة افتراض فلهوزن أن هؤلاء القراء أصبحوا هم وحدهم المدافعين المتحمسين عن القرآن بعد هزيمة على السياسية. إنهم، -طبقا لما ورد فى المصادر التاريخية- لم يكونوا أبدا الأتباع المخلصين لعلى، وبالتالى ليس لديهم أى سبب لأن يعتبروا أنفسهم خونة لأنهم حثوا عليا على قبول تعيين الحكمين.
وتتجه الأبحاث الحديثة حول هذا الموضوع لإدخال الطوائف الاجتماعية فى الاعتبار، ففى دراسة تفصيلية للاتجاهات السياسية فى الكوفة، رسم ج. م. هيندز G. M. Hinds صورة جديدة تماما للقراء. فقال إن جماعة تسمى القراء كانت ضد سعيد بن العاص الذى كان عامل عثمان على الكوفة حتى عام ٣٣ هـ/ ٦٥٣ م. وتثبت الأدلة التى قدمها هيندز Hinds أن أغلب القراء كانوا ممن استقروا فى جنوب العراق فى بداية الفتح الإسلامى ولهذا اكتسبوا بعض الامتيازات، ولكنهم فقدوا نفوذهم تدريجيا مع ازدياد عدد النازحين إلى هذه المنطقة فى عهد عثمان. وكان الأشتر واليزيد بن قيس -واللذان كان لهما دور بارز فى الأحداث فيما بعد- من هؤلاء الأوائل الذين خافوا أن يفقدوا وضعهم. وتفاقم الأمر عندما سمح عثمان للذين شاركوا فى معركة القادسية واستقروا فيما بعد فى المدينة أن يتبادلوا نصيبهم فى أرض العراق بأرض فى شبه الجزيرة العربية، وكان هذا يعنى تمييزا دقيقا بين أرض الصواخى وأرض الذمة، وظن الأوائل أنهم سيكونون الخاسرين نتيجة هذه الإجراءات الإدارية فعملوا على إقصاء سعيد بن العاص عن منصبه وبايعوا أبا موسى الأشعرى عاملا على الكوفة. ولم يكن للقراء دور أساسى فى الأحداث التى أدت إلى مقتل عثمان وإن كان الأشتر ضمن الذين شاركوا فى اغتياله. وعندما جاء على إلى المنطقة القريبة من الكوفة لم ينضم إليه رؤساء القبائل وإنما فضلوا الحياد لأنه كان أفضل لمصالحهم، ولم يحاول على -الذى كان يتبنى سياسة إسلامية تقوم على المساواة- أن يصل إلى تسوية معهم، لهذا لم يكن أمامهم إلا التحالف