ولا يميل المؤلفون المسلمون للاستفتاح بالقرآن (الكريم) فى محاولة معرفة الغيب عن طريقه. والاستفتاح هو تكهن فى تفسير آيات أو أجزاء من الآيات أو كلمات نبوية جاءت بالصدفة المحضة عند فتح المصحف أو صحيح البخارى. وترجع أقدم صور هذه الممارسة إلى أيام الأمويين، ومستهل عصر بنى العباسى.
وإن كانت هناك اجتهادات فى التفسير الغيبى للقرآن الكريم ومن ذلك: قراءة الإمام جعفر بن أبى طالب أو "الجعفرية"(وهى نسخة خطية فى مكتبة صوفيا) تحتوى على تفسيرات تنبؤية لآيات القرآن، ويرجع العطف على هذا الفن الذى شجع عليه الشيعة إلى جعفر الذى استشهد فى موقعة مؤته سنة ٨ هـ (= ٦٢٩ م) لأنه حدث وقت خروج الحملة أن قام الصحابى عبد اللَّه بن رواحة، وفسّر الآية القرآنية (من سورة مريم الآية: ٧١) التى رواها الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وتشير إلى موت جعفر وهى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا}.
وكتاب القراءة المأمونية، المنسوب إلى يعقوب بن اسحق الكندى والمتوفى بعد ٢٥٦ هـ = ٨٧٠ م، والمتضمن جداول تشتمل على ١٤٤ سؤالا.
وهناك كتابان فى القرعة منسوبان للمأمون المتوفى سنة ٢١٨ هـ (= ٨٣٣ م) أحدهما باسم "قرعة لإخراج الفأل" و"الضامر" وهو مخطوط بالقاهرة رقمه ٧٦١٢ مؤرخ لسنة ١٠٥٨ هـ (= ١٦٤٨ م)، والآخر كتاب "قرعة للمأمون" مخطوط، القاهرة رقم ٧٦١٣. وهما يختلفان عما سبق ويضمان فى خاتمتيهما قصائد غيبية منسوبة لمؤلفين مختلفين.
وتشير القرعة الجوهرية (مخطوط سراى أحمد) إلى تطور فى ممارسة التنبؤ بالغيب. والواقع أن استعمال الآيات القرآنية يفسر تبعا لطريقة "التأويل"، وقد حل محلها ما يعرف بحساب الجمل أو حساب النّيم الذى له دور فى "الجفر" وفى "علم الحروف" والأسماء، وتتكون من دمج أربعة مقاطع للكلمة "جوهر"(جوّ، جهّ، جرّ، جره. . .) وكل فقرة تشمل تفسيرا نثريا