استعملها العرب الذين دخلوا البلاد وقصدوا بها "توزر" ثم عمموها فأطلقوها على كل الإقليم المتصل بها وتبعا لما يقوله اليعقوبى المتوفى ما بين ٢٨٢ و ٢٩٢ فإن هذا الإقليم كان يتألف من أربع واحات "أكبرها توزر" مقر الولاة، وثانيها الحامة، ثم "تقيوس والرابعة نفطة". فأما تقيوس فقد زالت ولم يعد لها وجود اليوم. وقد ذكر هذا القسم معظم الجغرافيين المتأخرين لاسيما البكرى وياقوت. أما ابن حوقل والمقدسى والإدريسى فقد اكتفوا بإيراد صفات هذه المدن دون أن يفصلوا سعة الإقليم وحَدُودَه. ونجد أن قسطيلية التى تعرف الآن ببلاد الجريد واردة عند المؤلفين المتأخرين ويقصدون بها "قفسه" فى الشمال وبلاد "نفزاوة" فى الجنوب، بل وأيضا قابس وجزيرة جربة. ولقد ظهر اسم "بلاد الجريد" أو "الجريد" فقط لأول مرة بعد منتصف القرن الثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى) فى كتابات ابن خلدون، وأخذ اسم "قسطيلية" القديمة فى التلاشى بالتدريج حتى لم يعد أحد من المحدثين يعرفها سوى المتخصصين وإذا كان التيجانى المتوفى قد ذكرها فإنما كان ذكرهم إياها فى معرض اقتباسهم نصا من المؤلفين القدامى، حتى أن ليو الافريقى الذى زار تونس سنة ١٥١٧ لم يكن يعرف شيئا قط عن قسطيلية، كما أنه لم يكن بها إلى القرن الثالث الهجرى (= التاسع الميلادى) عنصر عربى يعتد به لذلك يقول اليعقوبى إن سكانها ليسوا عربا ولكنهم من ذرية الرومان القدماء والبربر والأفارقة من نسل اللاتين والبربر المنتصرين. ولما تكلم ابن خلدون عن اضطرابات ٢٢٤ هـ (٨٣٩ م) نراه يذكر زواغة ولواته وبربر فكناسة (انظر العبر ٤/ ٤٢٨) لم يحدث أى تغيير كبير فى الخريطة السكانية حتى منتصف القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى) إلى أن جاءت الهجمات الهلالية فجاءت معها إلى قسطيلية ببنى سليم خاصة، وتغيرت الخريطة السكانية منذ ذلك التاريخ تغيرا ملحوظا وسارت المسيحية فى طريق التلاشى بعد أن كانت راسخة الأقدام بها، ولم