١٢٩٠ م). وتسنى له أن يجمع فى مصر بعض المواد العلمية لكتاب "الكليات" وأهدى هذا العمل إلى محمد سعد الدين وكان وزيرًا لأحمد خان وسماه "التحفة السعدية" أو "نزهة الحكماء وروضة الأطباء". وقد اعتزل قطب الدين الناس فى أواخر أيام حياته فى تبريز كما درس فى أخريات عمره "الحديث النبوى" دراسة متأنية ودون مذكرات نقدية فى هذا الموضوع مثل "جمع الأصول" و"شرح السنة" وقد أعطانا كل من ابن شُهْبة والسُبْكى صورة سريعة عن شخصيته، فهو حاد الذكاء نافذ البصيرة، وكان فى نفس الوقت ذا دعابة بريئة، واشتهر بلقب "عالم الفُرس" ومن الواضح أنه كان حريصا على استقلال الرأى رغم مكانته لدى الأمراء وعند مريديه وقد عاش بعيدا عن الاختلاط بالبلاط. كما عاش حياة الصوفى. وقد أكد الجميع أنه كان له تلاميذ عديدون، منهم كمال الدين الفارسى وقد حث التحتانى المتوفى سنة ٧٦٦ هـ = ١٣٦٤ م لعمل "محاكمات"(نظرات ناقدة) لكتاب "الإشارات" لابن سينا وذلك فى نقاط كانت موضع جدل بين نصر الدين وفخر الدين الرازى (انظر حاجى خليفة، رقم ٤٧٣)، وقد تراخى فى أداء فرائضه الدينية ومع ذلك فإن السيوطى يذكر أنه كان يؤدى صلاة الجماعة فى تبريز. وكان بارعا فى لعب الشطرنج فكان لا ينقطع عن ممارسته، كما مارس ألعاب السحر وكان يعزف على الربابة. وتعليقاته على كتاب "حكمة الإشراق" للسهروردى ذات صلة ولا شك بموقفه الدينى. غير أن حاجى خليفة يرى أن قطب الدين قد أظهر تميزا فى علم الكلام فقد كتب شرحا وافيا للقرآن حاز التقدير وهو فتح المنان فى تفسير القرآن، وكتب حاشية لكتاب "عن حقائق التنزيل" للزمخشرى وقد لعب قطب الدين دورا خاصا فى تاريخ علم البصريات لأنه لفت نظر تلميذه كمال الدين الفارسى (ت ٧٢٠ هـ/ ١٣٢٠ م) لكتاب "علم البصريات" لابن الهيثم حيث اطلع عليه فى سفرياته وأحضر له نسخة منه. وقد كتب الفارسى تعليقا عليه وأضاف إليه ملاحظاته التى توصل هو إليها. ولقد قدم لنا قطب الدين فى كتابيه "نهاية