للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كان هنالك أيضا العديد من الأشخاص المهرة فى مجال هذا النشاط لم يكونوا بالضرورة كهنة. ولقد غرفت القبائل بممارستها لهذا الفن (بنو مدلج، خثعم وخزاعة).

والقيافة، التى هى أصل الفراسة الإسلامية تشتمل على فرعين:

١ - قيافة البشر، هى التى هدفها الكشف عن سلسلة النسب بين الطفل غير المعروف الأب وبين أبيه المفترض بقصد شرعيته. وعلى هذا النحو وبفضل القيافة، أجبر معاوية على أن يعترف، بزياد ين أبيه أخًا له. ويقوم أساس القيافة على ضرورة التشابه بين الابن والأب. وتستخدم بعض أجزاء الجسم كنقاط للرجوع إليها، وبخاصة باطن القدم، لأنه، فى معظم الحالات، يكون للولد نفس قدم والده (المسعودى، مروج الذهب، جـ ٣، ص ٣٣٨). لكن نقاط التشابه هذه لا تكون على الدوام واضحة، والكشف عنها يتطلب مهارة فائقة وذاكرة قوية (الرازى، الفراسة، ص ١٣).

ولقد أسهمت العين الحادة الفاحصة للبدوى فى حذق العرب لهذا الفن.

٢ - قيافة الأثر، تعتبر القدرة على الملاحظة الدقيقة التى يبديها العربى للعيان أمرًا بارزًا فى مجرى حياته. ويسمح له تقصى الأثر أن يجد حيوانا شاردا، أو زعيما هاربا، أو طريقا مفقودا، وغير ذلك، فهو يميز أثر أقدام الرجل عن أثر أقدام المرأة، وأقدام الشباب من العجائز، وأثر اقدام الرجل الأبيض من أثر أقدام الزنجى، وأثر أقدام الغرباء من أثر أقدام السكان المقيمين المحليين. وهو يستطيع أيضا أن يخبر إذا ما كانت المرأة عذراء أم غير ذلك.

هذه القدرة المدهشة على الملاحظة والاستدلال امتدت إلى سلوك الحيوانات. وتفسر أسطورة أبناء نزار فى كل نقاطها، من آثار الجمل، وهم فى طريقهم، وأصل العسل، واللحم المشوى والنبيذ الذى قدمه مضيفهم لهم (المسعودى، مروج الذهب، جـ ٣، ص ٢٢٨)، كل ذلك تصوير محكم للتدقيق والاهتمام بالتفاصيل التى تستخدم فى